بحث متقدم
الزيارة
10521
محدثة عن: 2008/01/20
خلاصة السؤال
ما هی فلسفة حلٌیة الروبیان و حرمة السرطان مع ان کلیهما من جنس واحد؟
السؤال
ما هی علة جواز أکل الروبیان و حرمة أکل السرطان البحری؟ ارجو توضیح الفرق بین جنس و نوع و قشر هذین الاثنین؟
الجواب الإجمالي

مع ان جمیع الاحکام موضوعة علی اساس المصالح و المفاسد و ان لکل حکم فلسفته و علته، الا ان بیان و کشف علة جمیع مفردات الاحکام أمر عسیر للغایة، فان غایة ما یمکن هو بیان ضوابط کلیة للاحکام، و بالطبع فان معنی الکلیة هنا هو الاکثریة القابلة للاستثناء، و فیما یخص علة حلیة اکل الروبیان، فما اشیر الیه فی بعض الروایات هو ان الروبیان من جنس السمک (ذو الفلس) و لا یوجد هذا الشیء بالنسبة للسرطان.

الجواب التفصيلي

لکی تتضح المسألة ینبغی التنبیه علی نقاط:

1. علی اساس النظریة الصحیحة الحقة التی یعتقد بها فقهاء و مفکرو الشیعة؛ هو ان احکام الله مجعولة علی اساس المصالح و المفاسد، ای انه اذا کان أداء عمل ما له منفعة مهمة و ضروریة فان ذلک العمل یکون واجباً، و اذا لم تکن منفعته ضروریة فیکون مستحباً. و اذا کان أداء عمل ما فیه ضرر خطر و مهلک یکون فعله حراماً، و اذا لم یکن ضرره خطراً و مهلکاً فهو مکروه، و فی حالة عدم کون منفعته أو ضرره راجحاً فکان متساوی الطرفین یکون ذلک العمل مباحاً. و بالطبع فان المقصود من المنفعة و الضرر لیس مجرد المنفعة و الضرر المادی بل بالمعنی العام الوسیع الذی یتسع لکافة ابعاد الانسان الوجودیة و شمولیتها.

2. مع ان اصل کلیة هذه القاعدة – و هی ان الاحکام الالهیة مجعولة علی اساس المصالح و المفاسد ـ قطعی و یقینی، و لکن کشف المصالح و المفاسد فی المفردات و المصادیق أمر عسیر للغایة.

لانه، أولاً: یلزمه توفر امکانیات واسعة فی مختلف الابعاد العلمیة.

و ثانیاً: ان البشر مهما تقدم فی الجانب العلمی و التکنولوجی فان معلوماته لا تزال فی مقابل مجهولاته قطرة فی قبال البحر (و ما أوتیتم من العلم الا قلیلا). [1]

و یمکن ان یکون أحد علل عدم بیان علة و فلسفة جمیع الاحکام من قبل اولیاء الدین الالهیین، هو ان بیان جمیع أسرار الاحکام للناس الذین لم تنکشف لهم کثیر من الحقائق العلمیة یکون من قبیل طرح الالغاز و المعمیات و الاحجیات و ربما یؤدی إلی تنفر السامعین. یقول أمیر المؤمنین (ع): "الناس أعداء ما جهلوا"،[2] و لذا فان اولیاء الله أشاروا إلی بعض العلل و الفلسفات للاحکام و فی حدود الفهم البشری.

اضافة الی ان الهدف من الدین و الشریعة هو تحلی الناس بالاخلاق الحمیدة على المستوى العلمی و العملی و أجتنابهم ألافکار و الأعمال السیئة المنحرفة، و یتحقق هذا الهدف بتطبیق الشریعة حتی لو لم یعلم الافراد بفلسفة الاحکام و عللها، و ذلک نظیر المریض الذی یتبع وصایا الطبیب فیشفی حتی لو لم یعرف فائدة الدواء و فلسفة الوصایا الطبیة.

مضافا الی ان المؤمنین لکونهم مطمئنین و متیقنین بان التعالیم الدینیة صادرة ممن لا یخطأ علمه، فهم علی یقین من الآثار الایجابیة لهذه التعالیم و فوائدها.

3. مع ان فهم علة و فلسفة الاحکام من المسائل العسیرة، و لکن تحصیل الضوابط الکلیة للاحکام أمر ممکن. و بالطبع فان الکلیة فی الامور الحقوقیة لیست مثل الکلیة فی الامور الفلسفیة التی لا تقبل الاستثناء، بل الکلیة فی الامور الحقوقیة و الاجتماعیة هی بالمعنی الاکثری، و علیه فهی قابلة للاستثناء.

4. و بخصوص الضوابط الکلیة للحیوانات المحللة الاکل و المحرمة، فقد ذکرت عدة معاییر لذلک فی الروایات عن الائمة (ع)، فمثلاً ذکرت ضوابط للحیوانات البریة، و ضوابط اخری للطیور، و لحیوانات البحر ضوابط اخری.

و المعیار الذی ذکر لحلیة الحیوانات المائیة هو ان یکون لها قشر (فلس).

ففی روایة محمد بن مسلم[3] عن الامام الباقر (ع) قال: قلت له: رحمک الله إنا نؤتی بسمک لیس له قشر، فقال :«کل ما له قشر من السمک و ما لیس له قشر فلا تأکله.»، و المقصود من القشر هو الفلس کما ورد فی الروایات.[4]

و بالطبع فان المراد هو ما کان له فلس فی أصل الخلقة حتى لو زال بعد ذلک بفعل أسباب بیئیة أو بفعل طریقة حیاة السمک، کما ورد فی الروایات.[5]

و بخصوص حلیة الروبیان فتوجد روایة خاصة بانه «لا بأس، و الاربیان ضرب من السمک»[6] و حول فلسفة حلیته توجد عدة احتمالات:

1. ان الروبیان هو نوع من الاسماک ذوات الفلس بالرغم من أنه لا یری بالعین المجردة.

2. الروبیان فی أصل الخلقة کان له فلس و لکنه زال بعد ذلک.

3. مع ان الروبیان من ناحیة النوع والجنس  لیس من ذوات الفلس و لکن حکمه حکم الاسماک ذوات الفلس و لا بأس بأکله. و بعبارة اخری، ان هذا النوع من الحیوان البحری و لو انه لا فلس له لکنه استثنی و حکم بحلیته فی الروایات و ذلک لاسباب غیر معروفة لدینا حالیاً.[7]

و أیضاً فبخصوص حرمة السرطان لدینا روایة خاصة بانه: «لا یحل أکل الجری و لا السلحفاة و لا السرطان».[8] و هذا واضح لان السرطان لیس من الاسماک ذوات الفلس.

و الآن و بالنظر الى النقاط المذکورة اتضح حلیة الروبیان و حرمة السرطان فی الاسلام و لو اننا لا نستطیع بشکل دقیق بیان الفرق الجوهری و النوعی بین هذین الاثنین، و اذا لم یستطع التطور العلمی إلی الآن اکتشاف الفروق الماهویة و الجوهریة بینهما فلیس ذلک دلیلاً على عدم وجود فرق جوهری، و المأمول من أخصائیی علم الأحیاء أو علم الاغذیة ان یتوصلوا فی المستقبل عن طریق تطویر الابحاث إلی ذلک.



[1] الاسراء، 85.

[2] منتخب میزان الحکمة، ج 1، ص 214.

[3] وسائل الشیعة،ج 16، ص 397، 398، ح 1، باب 8 .

[4] نفس المصدر، ح 3 و 7.

[5] نفس المصدر، باب 10، الاطعمة المحرمة، ص 405.

[6] وسائل الشیعة، ح 5 و 12، الاطعمة المحرمة، ص 408.

[7] هامش وسائل الشیعة، ص 408.

[8] الاطعمة المحرمة، ص 145، ح 1، باب 16.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...