Please Wait
7377
ان مراعاة الاخلاق الانسانیة و الاسلامیة و العمل بالتعالیم الدینیة و الالتزام بالقیم الدینیة هی من الامور المؤثرة بصورة مباشرة فی السعادة الدنیویة و یمکنها ان تحول الحیاة الحیوانیة الهابطة و التافهة الی حیاة طیبة و طاهرة. ان الناس الملتزمین حقاً بالتعالیم الدینیة الصحیحة و البعیدة عن الالتقاط و الخرافات و الافراط و التفریط، یلتذون بحیاتهم اشد الالتذاذ و لهذا السبب فان من الامور التی تقع مورداً للاختبار و الامتحان الالهی و تصرح بها الروایات الکثیرة هی الثبات علی العقائد الدینیة و المحافظة علی الایمان.
إن أحد طرق المحافظة علی هذه القیم هو ایجاد الحافز الأکید للالتزام بالأحکام الدینیة و المقاومة و الوقوف بوجه الانحرافات الفکریة و الدینیة و الاجتماعیة و عدم الاعتناء بزخارف الدنیا. ان الالتزام التام بالوظائف و التکالیف الدینیة و القیام بالمسؤولیات و اتباع العلماء الملتزمین (لان مسؤولیة بیان الاحکام الدینیة و هدایة الناس و المحافظة علی القیم الاسلامیة و الدفاع عن الدین الاسلامی تقع علی عاتق العلماء الملتزمین المتقین) و الانتباه و التفکیر بآثار و عواقب الاعمال اللااخلاقیة التی ترتکب فی مثل هذه الاجواء، و الارتباط بالله و النبی(ص) و الائمة المعصومین (ع)، و الاهتمام بالادعیة و العبادة الخالصة و ... لها دور مهم فی مواجهة مفاسد الثقافة الاجنبیة و المحافظة علی الایمان و الأخلاق.
ان التعالیم و الاحکام الدینیة انما وجبت علینا لاجل سعادتنا و کمالنا. فمراعاة الاخلاق الانسانیة و الاسلامیة و العمل بالتعالیم الدینیة و الالتزام بالقیم الدینیة هی من الامور المؤثرة بصورة مباشرة فی السعادة الدنیویة و یمکنها ان تحول الحیاة الحیوانیة الهابطة و التافهة الی حیاة طیبة و طاهرة.
ان الناس الملتزمین حقاً بالتعالیم الدینیة الصحیحة و البعیدة عن الالتقاط و الخرافات و الافراط و التفریط یلتذون بحیاتهم اشد الالتذاذ. و من جانب آخر فان الانسان اذا لم یعمل بهذه القوانین فانه یکون قد حرم نفسه فقط من الآثار و البرکات المادیة و المعنویة لتلک القوانین، و قد أضر بنفسه فقط و الا فانه لا یتوجه من ذلک ای ضرر الی الله سبحانه و الی الدین.
و علی هذا الاساس و لکی لا نحرم من هذه الآثار و البرکات فانه یجب ان نحافظ علی ایماننا فی مختلف الظروف و ان نلتزم بشکل تام بأحکام الدین و خصوصاً اذا کنا مضطرین للعیش فی اجواء تکثر فیها مظاهر الفسق و الفجور و المحرمات.
ان من المواعظ المهمة و التأکیدات المکرر علیها فی عصر الغیبة هو الالتزام بالدین و القیم الدینیة لکی لا یبتلی بالانحرافات الفکریة و العقائدیة، ثم عدم الاعتناء بزخارف الدنیا. یقول الرسول الاکرم (ص) حول المؤمنین فی هذا العصر: "لَأَحَدُهُمْ أَشَدُّ بَقِیَّةً عَلَى دِینِهِ مِنْ خَرْطِ الْقَتَادِ فِی اللَّیْلَةِ الظَّلْمَاءِ أَوْ کَالْقَابِضِ عَلَى جَمْرِ الْغَضَا أُولَئِکَ مَصَابِیحُ الدُّجَى یُنْجِیهِمُ اللَّهُ مِنْ کُلِّ فِتْنَةٍ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ".[1]
و یقول أمیر المؤمنین علی (ع) فی وصف المؤمنین الحقیقیین: "یکون له حیرة و غیبة تضل فیها أقوام و یهتدی فیها آخرون"[2].
و من الأسباب التی تؤدی الی انحدار شخصیة الانسان هو ارتکاب الذنوب، فان من یخالف التعالیم الالهیة و یکون مطیعاً لهوی النفس الشیطانیة، فانه فی الواقع قد قدّم الشیطان و فضّله علی الله.
فمثل هذا الشخص یکون قد أسقط قیمة نفسه عند الله، فی حین ان الانسان لو علم بقیمته و منزلته الرفیعة عند الله سبحانه لما کان یبیع نفسه بثمن بخس أبداً.
یجب ان نعلم بان اصل المقاومة أمام الذنوب هو علامة الثبات فی الایمان. و حمایة الایمان فی البیئة و الظروف الملوثة تحتاج الی همة و سعی کبیر و خصوصاً فی مرحلة الشباب، حیث تنفتح امام الانسان مساحات للذنوب اکثر تنوعاً و جاذبیة، و بالطبع فانه کما ان الشاب یتمتع بقدرة عالیة علیارتکاب الذنوب فانه مفعم بالأمل و الأریحیة و الارادة القویة لمواصلة الحیاة السلیمة و مواجهة الذنوب. و من هنا یمکنه ان یخرج مرفوع الرأس فی جهاده مع الشیطان و ذلک عن طریق جهده و سعیه و عون الله و إسناده.
و فی هذا السبیل یجب الانتباه الی الملاحظات التالیة:
الف – حیث ان فترة الشباب ظرف مناسب و مساعد علی ارتکاب الذنوب، فانه یجب السعی للتخلص من اجواء الذنوب او تقلیلها، و تلک الاجواء هی مثل الخلوة او المزاح مع غیر المحرم، و الانفراد فی محل العمل و السکن، و مشاهدة الأفلام و المناظر المثیرة للشهوة و الحضور فی اماکن الذنوب؛ مثل سواحل البحار و المسابح و... .
ب – تقویة الارادة: کلما قویت ارادة الانسان ازدادت مقاومته أمام الذنوب.
ج – الالتفات الی آثار الذنوب فی الحیاة
الالتفات الی آثار و عواقب الاعمال اللااخلاقیة التی ترتکب فی مثل هذه الاجواء، مثل انعدام العواطف، و زوال محیط الاسرة و عدم الاحترام للأب و الأم و المعلم و... یمکنه ان یؤدی دوراً مهماً فی حمایة الایمان.
یقول الرسول الاکرم (ص): "اتَّقُوا الذُّنُوبَ فَإِنَّهَا مَمْحَقَةٌ لِلْخَیْرَاتِ إِنَّ الْعَبْدَ لَیُذْنِبُ الذَّنْبَ فَیَنْسَى بِهِ الْعِلْمَ الَّذِی کَانَ قَدْ عَلِمَه".[3]
د – الالتفات الی حضور الامام الحجة (عج) و اطلاعه علی احوال المؤمنین فی عصر الغیبة.
هـ الارتباط و اتباع العلماء الملتزمین:
حیث إن تشخیص الوظائف و التکالیف الدینیة للاشخاص فی عصر غیبة الامام (عج) لا یمکن ان یحصل بسهولة، فقد جعلت مسؤولیة تبیین الاحکام الدینیة و هدایة الناس و حمایة القیم الدینیة و الدفاع عن الدین الاسلامی علی عهدة العلماء الملتزمین و المتقین، فهؤلاء هم المتصدون للاجابة و تلبیة الحاجات الدینیة للناس عن طریق الاستعانة بالمصادر الدینیة الاصیلة أی القرآن و السنة. قال الامام الهادی (ع): " لَوْ لَا مَنْ یَبْقَى بَعْدَ غَیْبَةِ قَائِمِنَا (ع) مِنَ الْعُلَمَاءِ الدَّاعِینَ إِلَیْهِ وَ الدَّالِّینَ عَلَیْهِ وَ الذَّابِّینَ عَنْ دِینِهِ بِحُجَجِ اللَّهِ وَ الْمُنْقِذِینَ لِضُعَفَاءِ عِبَادِ اللَّهِ مِنْ شِبَاکِ إِبْلِیسَ وَ مَرَدَتِهِ وَ مِنْ فِخَاخِ النَّوَاصِبِ لَمَا بَقِیَ أَحَدٌ إِلَّا ارْتَدَّ عَنْ دِینِ اللَّهِ وَ لَکِنَّهُمُ الَّذِینَ یُمْسِکُونَ أَزِمَّةَ قُلُوبِ ضُعَفَاءِ الشِّیعَةِ کَمَا یُمْسِکُ صَاحِبُ السَّفِینَةِ سُکَّانَهَا أُولَئِکَ هُمُ الْأَفْضَلُونَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ [4].
و الشرط الاساسی لحفظ السلامة الفکریة و العقائدیة للامة فی عصر الغیبة هو الاتباع لهؤلاء العلماء الملتزمین. و فی هذا المجال حین سئل امام العصر (ع): الی من نرجع فی زمن غیبتک و کیف نتصرف فی الحوادث الواقعة و بمن نسترشد و نستهدی؟؛ قال الامام (ع): "فاما الحوادث الواقعة فارجعوا فیها الی رواة حدیثنا (الفقهاء الجامعون للشرائط) فانهم حجتی علیکم و انا حجة الله" [5] و بهذا فقد وجب علی الناس فی عصر الغیبة الرجوع الی العلماء المتقین و الفقهاء الواجدین للشرائط لاجل حفظ العقائد و الایمان، و تعلم معالم الدین من هؤلاء، و یوفقوا بین جمیع ما یقع فی حیاتهم و بین التعالیم الدینیة.
و من البدیهی انه إن قام الناس بواجبهم فی هذا الامر من دون تقصیر فان فتن عصر الغیبة و مؤامرات الاعداء و أهل الدجل المنتحلین لصفة رجال الدین و ... سوف لا تؤثر علی دینهم و عقائدهم، و لیس هذا فحسب بل ان عمل الناس فی اطار التعالیم الدینیة سوف یمهد الارضیة یوماً بعد یوم لظهور الامام المهدی (عج) و حاکمیة الاحکام و القیم الالهیة فی کل انحاء العالم [6] ان شاء الله.