بحث متقدم
الزيارة
7377
محدثة عن: 2009/03/08
خلاصة السؤال
کیف یمکن الحفاظ علی الایمان فی الاجواء غیر الاسلامیة خارج البلاد؟
السؤال
انا اعیش خارج البلد، کیف یمکننی ان أبقی مسلماً ایرانیاً محافظا علی ایمانی فی مثل تلک الاجواء؟
الجواب الإجمالي

ان مراعاة الاخلاق الانسانیة و الاسلامیة و العمل بالتعالیم الدینیة و الالتزام بالقیم الدینیة هی من الامور المؤثرة بصورة مباشرة فی السعادة الدنیویة و یمکنها ان تحول الحیاة الحیوانیة الهابطة و التافهة الی حیاة طیبة و طاهرة. ان الناس الملتزمین حقاً بالتعالیم الدینیة الصحیحة و البعیدة عن الالتقاط و الخرافات و الافراط و التفریط، یلتذون بحیاتهم اشد الالتذاذ و لهذا السبب فان من الامور التی تقع مورداً للاختبار و الامتحان الالهی و تصرح بها الروایات الکثیرة هی الثبات علی العقائد الدینیة و المحافظة علی الایمان.

إن أحد طرق المحافظة علی هذه القیم هو ایجاد الحافز الأکید للالتزام بالأحکام الدینیة و المقاومة و الوقوف بوجه الانحرافات الفکریة و الدینیة و الاجتماعیة و عدم الاعتناء بزخارف الدنیا. ان الالتزام التام بالوظائف و التکالیف الدینیة و القیام بالمسؤولیات و اتباع العلماء الملتزمین (لان مسؤولیة بیان الاحکام الدینیة و هدایة الناس و المحافظة علی القیم الاسلامیة و الدفاع عن الدین الاسلامی تقع علی عاتق العلماء الملتزمین المتقین) و الانتباه و التفکیر بآثار و عواقب الاعمال اللااخلاقیة التی ترتکب فی مثل هذه الاجواء، و الارتباط بالله و النبی(ص) و الائمة المعصومین (ع)، و الاهتمام بالادعیة و العبادة الخالصة و ... لها دور مهم فی مواجهة مفاسد الثقافة الاجنبیة و المحافظة علی الایمان و الأخلاق.

الجواب التفصيلي

ان التعالیم و الاحکام الدینیة انما وجبت علینا لاجل سعادتنا و کمالنا. فمراعاة الاخلاق الانسانیة و الاسلامیة و العمل بالتعالیم الدینیة و الالتزام بالقیم الدینیة هی من الامور المؤثرة بصورة مباشرة فی السعادة الدنیویة و یمکنها ان تحول الحیاة الحیوانیة الهابطة و التافهة الی حیاة طیبة و طاهرة.

ان الناس الملتزمین حقاً بالتعالیم الدینیة الصحیحة و البعیدة عن الالتقاط و الخرافات و الافراط و التفریط یلتذون بحیاتهم اشد الالتذاذ. و من جانب آخر فان الانسان اذا لم یعمل بهذه القوانین فانه یکون قد حرم نفسه فقط من الآثار و البرکات المادیة و المعنویة لتلک القوانین، و قد أضر بنفسه فقط و الا فانه لا یتوجه من ذلک ای ضرر الی الله سبحانه و الی الدین.

و علی هذا الاساس و لکی لا نحرم من هذه الآثار و البرکات فانه یجب ان نحافظ علی ایماننا فی مختلف الظروف و ان نلتزم بشکل تام بأحکام الدین و خصوصاً اذا کنا مضطرین للعیش فی اجواء تکثر فیها مظاهر الفسق و الفجور و المحرمات.

ان من المواعظ المهمة و التأکیدات المکرر علیها فی عصر الغیبة هو الالتزام بالدین و القیم الدینیة لکی لا یبتلی بالانحرافات الفکریة و العقائدیة، ثم عدم الاعتناء بزخارف الدنیا. یقول الرسول الاکرم (ص) حول المؤمنین فی هذا العصر: "لَأَحَدُهُمْ أَشَدُّ بَقِیَّةً عَلَى دِینِهِ مِنْ خَرْطِ الْقَتَادِ فِی اللَّیْلَةِ الظَّلْمَاءِ أَوْ کَالْقَابِضِ عَلَى جَمْرِ الْغَضَا أُولَئِکَ مَصَابِیحُ الدُّجَى یُنْجِیهِمُ اللَّهُ مِنْ کُلِّ فِتْنَةٍ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ".[1]

و یقول أمیر المؤمنین علی (ع) فی وصف المؤمنین الحقیقیین: "یکون له حیرة و غیبة تضل فیها أقوام و یهتدی فیها آخرون"[2].

و من الأسباب التی تؤدی الی انحدار شخصیة الانسان هو ارتکاب الذنوب، فان من یخالف التعالیم الالهیة و یکون مطیعاً لهوی النفس الشیطانیة، فانه فی الواقع قد قدّم الشیطان و فضّله علی الله.

فمثل هذا الشخص یکون قد أسقط قیمة نفسه عند الله، فی حین ان الانسان لو علم بقیمته و منزلته الرفیعة عند الله سبحانه لما کان یبیع نفسه بثمن بخس أبداً.

یجب ان نعلم بان اصل المقاومة أمام الذنوب هو علامة الثبات فی الایمان. و حمایة الایمان فی البیئة و الظروف الملوثة تحتاج الی‌ همة و سعی کبیر و خصوصاً فی مرحلة الشباب، حیث تنفتح امام الانسان مساحات للذنوب اکثر تنوعاً و جاذبیة، و بالطبع فانه کما ان الشاب یتمتع بقدرة عالیة علی‌ارتکاب الذنوب فانه مفعم بالأمل و الأریحیة و الارادة القویة لمواصلة الحیاة السلیمة و مواجهة الذنوب. و من هنا یمکنه ان یخرج مرفوع الرأس فی جهاده مع الشیطان و ذلک عن طریق جهده و سعیه و عون الله و إسناده.

و فی هذا السبیل یجب الانتباه الی الملاحظات التالیة:

الف – حیث ان فترة الشباب ظرف مناسب و مساعد علی ارتکاب الذنوب، فانه یجب السعی للتخلص من اجواء الذنوب او تقلیلها، و تلک الاجواء هی مثل الخلوة او المزاح مع غیر المحرم، و الانفراد فی محل العمل و السکن، و مشاهدة الأفلام و المناظر المثیرة للشهوة و الحضور فی اماکن الذنوب؛ مثل سواحل البحار و المسابح و... .

ب – تقویة الارادة: کلما قویت ارادة الانسان ازدادت مقاومته أمام الذنوب.

ج – الالتفات الی آثار الذنوب فی الحیاة

الالتفات الی آثار و عواقب الاعمال اللااخلاقیة التی ترتکب فی مثل هذه الاجواء، مثل انعدام العواطف، و زوال محیط الاسرة و عدم الاحترام للأب و الأم و المعلم و... یمکنه ان یؤدی دوراً مهماً فی حمایة الایمان.

یقول الرسول الاکرم (ص): "اتَّقُوا الذُّنُوبَ فَإِنَّهَا مَمْحَقَةٌ لِلْخَیْرَاتِ إِنَّ الْعَبْدَ لَیُذْنِبُ الذَّنْبَ فَیَنْسَى بِهِ الْعِلْمَ الَّذِی کَانَ قَدْ عَلِمَه‏".[3]

د – الالتفات الی‌ حضور الامام الحجة (عج) و اطلاعه علی احوال المؤمنین فی عصر الغیبة.

هـ الارتباط و اتباع العلماء الملتزمین:

حیث إن تشخیص الوظائف و التکالیف الدینیة للاشخاص فی عصر غیبة الامام (عج) لا یمکن ان یحصل بسهولة، فقد جعلت مسؤولیة تبیین الاحکام الدینیة و هدایة الناس و حمایة القیم الدینیة و الدفاع عن الدین الاسلامی علی عهدة العلماء الملتزمین و المتقین، فهؤلاء هم المتصدون للاجابة و تلبیة الحاجات الدینیة للناس عن طریق الاستعانة بالمصادر الدینیة الاصیلة أی القرآن و السنة. قال الامام الهادی (ع): " لَوْ لَا مَنْ یَبْقَى بَعْدَ غَیْبَةِ قَائِمِنَا (ع) مِنَ الْعُلَمَاءِ الدَّاعِینَ إِلَیْهِ وَ الدَّالِّینَ عَلَیْهِ وَ الذَّابِّینَ عَنْ دِینِهِ بِحُجَجِ اللَّهِ وَ الْمُنْقِذِینَ لِضُعَفَاءِ عِبَادِ اللَّهِ مِنْ شِبَاکِ إِبْلِیسَ وَ مَرَدَتِهِ وَ مِنْ فِخَاخِ النَّوَاصِبِ لَمَا بَقِیَ أَحَدٌ إِلَّا ارْتَدَّ عَنْ دِینِ اللَّهِ وَ لَکِنَّهُمُ الَّذِینَ یُمْسِکُونَ أَزِمَّةَ قُلُوبِ ضُعَفَاءِ الشِّیعَةِ کَمَا یُمْسِکُ صَاحِبُ السَّفِینَةِ سُکَّانَهَا أُولَئِکَ هُمُ الْأَفْضَلُونَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ [4].

و الشرط الاساسی لحفظ السلامة الفکریة و العقائدیة للامة فی عصر الغیبة هو الاتباع لهؤلاء العلماء الملتزمین. و فی هذا المجال حین سئل امام العصر (ع): الی من نرجع فی زمن غیبتک و کیف نتصرف فی الحوادث الواقعة و بمن نسترشد و نستهدی؟؛ قال الامام (ع): "فاما الحوادث الواقعة فارجعوا فیها الی رواة حدیثنا (الفقهاء الجامعون للشرائط) فانهم حجتی علیکم و انا حجة الله" [5] و بهذا فقد وجب علی الناس فی عصر الغیبة الرجوع الی العلماء المتقین و الفقهاء الواجدین للشرائط لاجل حفظ العقائد و الایمان، و تعلم معالم الدین من هؤلاء، و یوفقوا بین جمیع ما یقع فی حیاتهم و بین التعالیم الدینیة.

و من البدیهی انه إن قام الناس بواجبهم فی هذا الامر من دون تقصیر فان فتن عصر الغیبة و مؤامرات الاعداء و أهل الدجل المنتحلین لصفة رجال الدین و ... سوف لا تؤثر علی دینهم و عقائدهم، و لیس هذا فحسب بل ان عمل الناس فی اطار التعالیم الدینیة سوف یمهد الارضیة یوماً بعد یوم لظهور الامام المهدی (عج) و حاکمیة الاحکام و القیم الالهیة فی کل انحاء العالم [6] ان شاء الله.



[1] بحار الانوار،ج 52، ص 124.

[2] کتاب الغیبة، 104.

[3] میزان الحکمة، 3، 465، 6633؛ بحارالأنوار، ج 70، ص 377.

[4] بحار الانوار، ج 2، ص 6.

[5] الاحتجاج، 2، 469.

[6] لاحظ، سید نژاد، السید صادق، التدین فی عصر الغیبة، مجلة دیدار آشنا، آبان 1381، العدد، 29.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280273 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258850 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129648 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115694 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89575 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61076 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60380 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57382 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51659 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47724 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...