Please Wait
7851
لا یوجد هنالک شک ان الله سبحانه یعلم بکل شیء و فی جمیع الأحوال و ان الستر و التخفی عن الله سبحانه لیس له أی معنى، و کذلک انّه لیس بحکم الأجنبی بالنسبة إلى عباده؟ و لکن الإنسان فی حالة العبادة یجد نفسه بین یدی الله و هو فی حالة مناجاة معه؛ و فی هذه الحالة یجب علیه أن یلبس اللباس المناسب، و ان انسب لباس للمرأة هو حجابها الکامل، یعنی اللباس الذی یدل على عفة و طهارة المرأة و یعکس أفضل حالاتها و هذا اللباس وحده هو الذی یکون جدیراً بالمرأة و هی فی حالة العبادة، حتى بخصوص الرجال، فانه لیست الصلاة فی حالة العرّی وحدها تکون باطلة و لا تنسجم مع روح الخضوع و الخشوع و الاحترام لله سبحانه فقط، بل من المناسب بالإضافة إلى المقدار الواجب من اللباس أن یصلی الرجل بلباس یدل على اعلى مراتب الاحترام و التقدیس.
إضافة إلى ذلک فان ارتداء الحجاب فی الصلاة:
1. هو نوع من التمرین الیومی المستمر للحفاظ على ارتداء الحجاب فی الموارد الواجبة.
2. إن أداء الصلاة فی الأماکن العامة و فی مرئى من الناس و فی المساجد، یتطلب ارتداء الحجاب الکامل، و هذا الأمر یؤدی إلى بقاء المرأة مصونة من نظر الآخرین، و بالتالی تستطیع المرأة فی هذه الحالة إن تؤدی صلاتها باطمئنان و تأنی.
الجدیر بالذکر أن الموارد التی ذکرت أعلاه هی على مستوى الاحتمال او الحکمة و ان الغایة الأصلیة فی الالتزام بالحجاب و بقیة العبادات هو تربیة و تقویة روح التعبد و الخضوع و الرضوخ لإرادة الباری عزوجل.
لم نعثر فی الآیات و الروایات على موضوع یشیر إلى فلسفة هذا الأمر. فان الأصل فی المسائل العبادیة و الاحکام الشرعیة هو الجانب التعبدی فیها، و ان التعبد و الالتزام بأوامر و إرادة الشارع المقدس هی أهم ملاک و اهم مصلحة تترتب على هکذا مسائل.
بالرغم من أن هنالک مصالح أخرى خفیة تتضمن هذه الأمور التی نجهلها نحن.
توجد بعض الروایات قد أشارت فقط إلى بعض جوانب الحکمة و المصلحة من بعض الأحکام. و بتطور العلم و الفهم البشری ستکتشف جوانب اخرى من الحکمة و المصلحة من تشریع هکذا أحکام. و بالتأکید فان للحجاب بشکل عام و خصوصاً أثناء أداء الصلاة برکات و ایجابیات کثیرة لیس من المستعبد أن یکون لها دور مؤثر فی وجوبها من قبل الخالق سبحانه.
و سنشیر هنا إلى بعض الایجابیات و الامور المستحبة بخصوص ارتداء الحجاب أثناء أداء الصلاة:
1. ارتداء الملابس الکاملة تزید من الوقار الظاهری للإنسان، و کلما قل شیء من ملابس الإنسان سوف یؤدی ذلک إلى تقلیل وقاره و یبین مدى قلة احترامه و رعایته للشؤون و المسائل الاجتماعیة، و کذلک یقلل قدره و شأنه عند الآخرین. و یمکن إن یعد الحجاب کشکل من أشکال الآداب. و ان الآداب تلزم الإنسان على أن یظهر أمام الکبار و أمام الآخرین بلباس کامل. إن الاشتراک فی الاحتفالات و المراسیم الدینیة فی جمیع الأدیان و حتى عند جمیع العقلاء فی العالم یتطلب لبس الحجاب من قبل المرأة و خصوصاً فی الإسلام، حیث إن اللباس الرسمی للمرأة عند حضورها الاجتماعات العامة هو الحجاب الکامل. و عندما یکون الإنسان أثناء أدائه للصلاة متوجهاً إلى حضرة الباری عزوجل تکون ملائکة العرش حاضرة، حیث یقوم الإنسان بعبادة ربّه فی هذا المحضر الرسمی، و لکون الصلاة هی فی الواقع عبارة عن مثول و تشرف بالحضور فی حضرة البارئ عزوجل، لذلک کلما کان لباس المصلی کاملاً و نظیفاً و معطراً کان أفضل فی هذه الحالة، حتى انه یستحب للرجال أن یلبسوا اللباس الکامل عند الصلاة لیراعوا آداب الحضور فی حضرة الباری عزوجل.
یقول الإمام الصادق (ع) : "اعبد الله کأنک تراه فان کنت لا تراه فانه یراک".[1]
2. من الفوائد الأخرى للتحجب عند الصلاة، هو ان ذلک العمل یعد کتمرین یومی و مستمر للمحافظة على الحجاب، و لکی یکون من العوامل المهمة التی تساعد المرأة على الحفاظ و الالتزام الدائم باللباس الشرعی و کذلک وقایتها من التسیب و عدم الالتزام فی هذا المجال. إن قلنا إن الإسلام یهدف إلى الحفاظ على حجاب و ستر المرأة، کذلک یهدف إلى صیانتها و کذلک یؤکد الإسلام على عفة المرأة و طهارتها، من کل ذلک یتضح لنا أن الحجاب الکامل للمرأة أثناء الصلاة یصب فی هذا المجال. و یشترط هکذا شرط فی صلاة المرأة للتأکید على هذه المسألة، و فی الواقع أن الإسلام إضافة إلى الصلاة فانه یعطی درساً فی العفة و الستر للمرأة لکی یبیّن و یعرّف النموذج الأمثل للتصرف و الالتزام للمرأة المسلمة، و فی نفس الوقت نرى أن لبس الحجاب الکامل خمس مرات فی اللیل و النهار هو انسب و أفضل تمرین و تدریب عملی للتعوّد على الحجاب الکامل بالنسبة للمرأة المسلمة.
3. إن أداء الصلاة أمام أنظار الناس فی الأماکن العامة و فی المساجد و الجوامع یتطلب الحجاب الکامل و بالخصوص بالنسبة للنساء لکی یستترن من أنظار الناس، خصوصا أن الصلاة تتضمن الرکوع و السجود و القیام و الجلوس و فی هذه الحالة فان الحجاب الکامل یصون المرأة من أنظار الآخرین، کما یؤدی إلى الحفاظ على الاستقرار النفسی و الروحی للمصلی، و کذلک یؤدی هذا العمل إلى الحفاظ على عفة المجتمع.
الجدیر بالذکر أن کل الذی ذکرناه هی امور ادرکها ذهننا و قد لاتکون هی العلة و السبب الاساسی للتشریع المذکور لان الغایة الأصلیة لهکذا أمور هی العبادة و طاعة الباری عزوجل.
و لقد اشار احد العارفین الایرانیین الى هذا المعنى بما معناه:
فی دائرة الوجود نحن نقطة للرضوخ و التسلیم. و الرأی هو الرأی الذی تطرحوه و الحکم هو الحکم الذی تقرروه.