بحث متقدم
الزيارة
5139
محدثة عن: 2011/06/14
خلاصة السؤال
هل امتلاک الصوت الرخیم یوجب على صاحبه التصدی لمدح أهل البیت (ع) و رثائهم؟
السؤال
أتصدى فی شهری محرم وصفر و....لالقاء بعض قصائد المدیح و الثناء على أهل البیت و تلاوة القرآن، و بما أن أصدقائی و المقربین یثنون على أدائی و یقولون أنه فاعل و مؤثر فی نفوس المستمعین، و هنا تثار الاسئلة التالیة:
1. هل یجب علیّ هذا الفعل أم یستحب؟ و هل لو رفضت دعوة من طلب منی ذلک أکون من العاصین و المذنبین الذین یستحقون العقاب الأخروی؟
2. ما الحکم مع حضور شخص غیری یتکفل بالمهمة؟ و ما الحکم مع عدم وجود من یتصدى لذلک؟
3. ما الموقف عندما أشعر بالانتفاع المعنوی اکثر عندما تصدی غیری لذلک العمل حیث اشعر فی حضوری تلک المجالس بکبیر فائدة تعود علیّ أکثر مما لو تصدیت للأداء بنفسی، بل قد أصاب بالعجب و الریاء و... و هل یرجح انتفاع الجمهور على المنفعة الفردیة التی تعود علیّ عندما أحضر مجالس شخص آخر؟
الجواب الإجمالي

صحیح أنه لا یمکن الحکم فی الحالات الطبیعیة بوجوب بعض الاعمال من قبیل تلاوة القرآن، المدح و الرثاء، الدعاء و الأذان، لکن لا شک فی استحبابها.

و بما أن الرؤیة الاسلامیة تربط بین العمل و الثواب و العقاب و بین النیّة ارتباطاً وثیقاً فکلما خلصت النوایا و تطهرت القلوب من الریاء و السمعة و العجب و... ترتب الثواب الالهی. فلو کان الأمر کما وصفت و کنت تمتلک الصوت الرخیم المؤثر فی رفع معنویات الناس و طلب منک الناس أن تعرج بقلوبهم نحو المعنویات و الفیض الالهی، فلا ینبغی لک التملص عن تلک المسؤولیة المهمة، و لیس من المستحیل تطهیر النوایا و اخلاص العمل لله تعالى من خلال تهذیب النفس و ترویضها، ثم ان الشیطان قد یتربص للانسان من هذه الطریق لیصرفه عن إعمال الخیر و یصده عن الصلاح من خلال تخویفه من الوقوع فی العجب و الغرور!! فاذا التفت الانسان الى هذه المکر الشیطانی استطاع ان یجمع بین عمل الخیرات و بین النوایا الخالصة.

الجواب التفصيلي

صحیح أنه لا یمکن الحکم فی الحالات الطبیعیة بوجوب بعض الاعمال من قبیل تلاوة القرآن، المدح و الرثاء، الدعاء و الأذان، لکن لا شک فی استحبابها. و ذلک لأن من الابعاد المهمة فی الشخصیة الانسانیة البعد العاطفی و الشعوری، من هنا قد تؤدی التلاوة الجمیلة بصوت رخیم أو الدعاء أو المراثی الشعریة الى اقتراب القلوب من الله تعالى و یؤدی فی نهایة المطاف الى حث الانسان على الخیرات و الابتعاد عن الموبقات و الخطایا. و تتجلى أهمیة هذا العمل بصورة أکبر عندما تتوفر شروط موضوعیة خاصة، و لاریب ان عدم الالتفات الى تلک الظروف الموضوعیة و الشروط الخاصة یؤدی الى إعراض الناس عن الشعائر الدینیة، فاذا وصل الأمر الى هذه الحالة فحینئذ قد یجب شرعا بعض تلک الشعائر لأجل الحفاظ على الدین و تعزیز المعتقدات.

هذا، ثم إن قضیة الثواب و الأجر الذی یتلقاه المؤذن أو الراثی و... تتوقف على الاهداف و الغایات و النوایا التی یحملها ذلک الشخص نفسه.

و بما أن الرؤیة الاسلامیة تربط بین العمل و الثواب و العقاب و بین النیة ارتباطا وثیقاً فکلما خلصت النوایا و تطهرت القلوب من الریاء و السمعة و العجب و... و کان العمل خالصا لله تعالى، ترتب علیه الاجر و الثواب، و کلما ساءت النوایا انعکس الامر سلبا على الثواب و العقاب، من هنا نجد الروایات الواردة عن المعصومین (ع) تؤکد على هذا المعنى، منها ما روی عن النبی الأکرم (ص) أنه قال: "رُبَّ تَالِ الْقُرْآنِ وَ الْقُرْآنُ یَلْعَنُهُ".[1]

فلو کان الأمر کما وصفت و کنت تمتلک الصوت الرخیم المؤثر فی رفع معنویات الناس –و هذا من النعم الالهیة- و طلب منک الناس أن تعرج بقلوبهم نحو المعنویات و الفیض الالهی، فحنئذ من اللائق بک الاستجابة لهم و عدم التذرع بذراع مختلفة للتملص عن المسؤولیة؛ و أما قضیة النیّة و إخلاص العمل فیمکنک ذلک من خلال تهذیب النفس و الالتزام بالموازین الشرعیة من قبیل الصدق فی القول و الفعل و عدم استغلال نعمة الصوت فی مزاحمة الناس و...

و اما بالنسبة الى وظیفتک مع وجود مداح آخر فهذه قضایا تدرس کل واحدة منها فی ظروفها الخاصة و لا یمکن اعطاء معالجة عامة و تحدید موقف واحد لجمیع الحالات، بل علیک ان تضع الله نصب عینک و تحاول ان تدرس القضیة من جمیع أبعادها و هل أن المنفعة الشخصیة هنا أولى أم إسداء النفع الى الآخرین؟ علماً أنه لا تنافی بین الاثنین فمن الممکن الجمع بین المنفعتین فی آن واحد، و هذه قضیة تتبع باطن الانسان و نوایاه فهو العارف بحقیقة الأمر حتى لو تذرع بشتّى الذرائع و لذلک نرى القرآن الکریم یشیر الى هذه الحقیقة بقوله: "بل الانسان على نفسه بصیرة".[2]

و من الجدیر بالذکر هنا أن الشیطان قد یتربص للانسان من هذه الطریق فیصرفه عن إعمال الخیر و یصده عن الصلاح من خلال تخویفه من الوقوع فی العجب و الغرور!! فاذا التفت الانسان الى هذه المکر الشیطانی استطاع ان یجمع بین عمل الخیرات و بین النوایا الخالصة.

من هنا لابد من تهذیب النفس و التمسک بالعبادات و الطاعات و الولوج فی میادین الخیر و الصلاح بلا عجب و لا ریاء و لا غرور.



[1] انظر: المجلسی، محمد باقر، بحار الانوار، ج 89، ص 184، ح 19، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404 هـ ق.

[2]القیامة،14.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ما هی العلة فی انقسام الجلاتین على محلل و محرم؟
    8241 الحقوق والاحکام 2010/12/21
    الجلاتین مادة غذائیة لها عدة أنواع، بعضها حلال و بعضها الآخر حرام. و حرمته و حلیته منشأوها حرمة و حلیة المواد الأولیة التی تدخل فی صناعته، فإذا کانت المواد الداخلة فی صناعة الجلاتین مواداً نباتیة ففی مثل هذه الحالة تکون جمیع أقسامه حلالاً سواء المصنعة ...
  • هل ان دین المجتمع قابل للتغییر؟
    7382 الکلام الجدید 2007/04/23
    ابتداءً یجب توضیح المراد من السؤال، فقد یمکن ان یراد من التغییر فی دین المجتمع هو التغییر فی - أصل الدین الالهی الحق- الذی اختاره المجتمع، و فی هذا الفرض یکون الحدیث عن ثبات و عدم ثبات العناصر الدینیة، و عن مسألة المعرفة الدینیة و قبضها و بسطها، و قد ...
  • لو کانت المشاکل تعالَج بالدعاء فما هو دورنا فی الحیاة؟
    8422 النظریة 2010/11/09
    إن الاسلام، دین التوفیق بین الظاهر و الباطن، و بین الأمور المادیة و المعنویة، ففی نفس الوقت الذی یعتبر اللهَ مرسل الریاح و السحاب، و أنه عز وجل موجد القوانین الطبیعیة لنزول المطر، و لکنه أیضاً یجعل إیمان الناس و تقواهم السبب فی نزول المطر
  • لماذا لازال شقّ الکعبة یُشاهَد رغم أن بناءها شیّد عدة مرات؟ ألیس لهذا الشقّ سببٌ آخر کالزلازل او تحرک الارض؟
    8168 تاريخ بزرگان 2010/11/09
    تؤکد الروایات التاریخیة و المصادر الإسلامیة أن الکعبة بنیت على ید نبی الله آدم (ع) ثم تضرّرت فی طوفان نوح، و جدّد بناؤها على ید إبراهیم الخلیل (ع)ثم بناها بعده قوم من العرب قبیلة جرهم، و بعده هدّمها الدهر مرة أخرى، فجدد بناءها للمرة الثالثة ...
  • ما هی مواصفات الدین المرسل؟
    7083 الفلسفة الدین 2007/07/08
    1- یتعدد الدین المرسل فی ضوء تعدد رسل السماء.2- ان الدین المرسل نتیجة لحاجة الإنسان إلى رسالة السماء.3- ان النقل بمواصفاته المحددة، هو الذی یوصلنا إلى الدین المرسل، و حین یکتشف العقل شیئاً یتطابق مع ما یقرره النقل فی الدین المرسل، فمن الممکن ان یکون الدلیل النقلی إرشادیاً.4- حیث انه ...
  • ما الوجه فی تسمیة بنی إسرائیل بالیهود؟
    6813 الکلام القدیم 2012/02/14
    یختلف الباحثون فی بیان السبب و الوجه فی التسمیة بالیهود، فمنهم من ذهب الى القول أن الیهود تعنی المهتدی حین تابوا من عبادة العجل فی زمن موسى ...
  • هل اجمع الفقهاء على الوجوب التخییری لصلاة الجمعة؟
    7340 الحقوق والاحکام 2011/04/18
    من الواضح ثبوت وجوب صلاة الجمعة تعیینا فی عصر حضور المعصوم (ع) و توفر الشروط الاخرى و انتفاء التقیة. و لکن وقع الخلاف فی نوعیة وجوبها فی عصر الغیبة، و یمکن القول ان مشهور الفقهاء ذهبوا الى الوجب التخییری. بل قد ادعی علیه الاجماع من ...
  • شخص یغنّی مع إشخاص یرقصون، فهل یعتبر هذا من مصادیق الغناء؟
    5308 الحقوق والاحکام 2010/11/09
    الغناء هو عبارة عن الصوت المقترن بالترجیع و الطرب و المناسب لمجالس اللهو و المعصیةٰ فالقراءة بهذا الشکل و الاستماع إلیها حرام.[1]و طبقاً لهذا التعریف للغناء فما ذکر فی سؤالکم یعتبر من مصادیق الغناء.و للإطلاع ...
  • هل أن القرآن یفضل الجنس الابیض على سائر الاجناس (الصفر، الحمر، السمر والسود)؟
    6858 التفسیر 2010/10/21
    إن آیة 106 من سورة آل عمران کباقی الآیات المتشابهة لا ترید أن تقول إن حظ الجنس الأبیض من القیم الإنسانیة أوفر من باقی الأعراق. و أساسا لا علاقة لهذه الآیات بلون بشرة الناس، و إنما هی تستخدم الاصطلاحات الدارجة فی لغة القرآن أی اللغة العربیة. ...
  • هل یجب تطهیر الشیء الذی سرى الیه عرق الجنب من الحرام؟
    5535 الحقوق والاحکام 2010/06/28
    طرحنا السؤال المذکور على مکاتب المراجع العظام فکانت الاجابة بالنحو التالی:مکتب آیة الله العظمی السید الخامنئی (مدظله العالی):عرق الجنب من الحرام طاهر.مکتب آیة الله العظمی السیستانی (مدظله العالی):عرق الجنب من الحرام لیس بنجس.مکتب ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    281788 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    262994 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    130710 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    119748 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    90649 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    62368 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    62262 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    58126 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    53922 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    50361 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...