بحث متقدم
الزيارة
10737
محدثة عن: 2011/03/03
خلاصة السؤال
هل تزوج الامام الحسین (ع) السیدة شهربانو؟ ما مدى صحة هذا المدعى و ما هو مستنده التاریخی؟
السؤال
هل تزوج الامام الحسین (ع) السیدة شهربانو؟ ما مدى صحة هذا المدعى و ما هو مستنده التاریخی؟
الجواب الإجمالي

اختلفت الاقول فی قضیة زواج الامام الحسین (ع) مع شهربانو و اسرها الى عدة أقوال، و تضاربت الآراء فذهب البعض الى کونها أسرت فی زمن الخلیفة الثانی عمر بن الخطاب و البعض الآخر ذهب الى أسرها فی زمن الخلیفة الثالث عثمان، بل هناک من رأى أن ذلک وقع فی خلافة الامام علی (ع)، اضف الى ذلک قد وقع الاختلاف فی تحدید اسمها و اسم ابیها؛ من هنا یکون من الصعب الجزم بکون زوجة الامام الحسین (ع) و أم الامام السجاد (ع)، ایرانیة الاصل و ان اسمها شهربانو.

الجواب التفصيلي

ذکر المؤرخون و المحدثون فی قضیة زواج الامام الحسین (ع) مع ابنة یزدجرد (الثالث) شهربانو، عدة آراء، منها:

1. روى الشیخ الصدوق (ره) فی قضیة أم الامام السجاد (ع) بسنده عن سهل بن القاسم النوشجانی قال: قال لی الرضا (ع) بخراسان: إن بیننا و بینکم نسبا! قلت: و ما هو أیها الأمیر؟ قال: إن عبد الله بن عامر بن کریز لما افتتح خراسان أصاب ابنتین لیزدجرد بن شهریار ملک الأعاجم فبعث بهما إلى عثمان بن عفان، فوهب إحداهما للحسن و الأخرى للحسین (ع) فماتتا عندهما نفساوین، و کانت صاحبة الحسین (ع) نفست بعلی بن الحسین (ع) فکفل علیا (ع) بعض أمهات ولد أبیه.[1]

فهذه الروایة تؤکد أن القضیة وقعت فی عصر خلافة عثمان و ان أسر بنات یزدجرد لم یقع فی عصر الخلیفة الثانی عمر بن الخطاب.

و قد رد الشیخ عباس القمی هذه الروایة بالقول: و هذا الحدیث مخالف للاحادیث المرویة بان بنات یزدجرد تم اسرهن فی عصر عمر بن الخطاب خاصة ان الروایات التی تقول انهن اسرن فی عصر عمر اشهر و اقوى.[2]

2. روى الکلینی (ره) فی خصوص أم السجاد (ع) الروایة التالیة: لَمَّا أُقْدِمَتْ بِنْتُ یَزْدَجَرْدَ عَلَى عُمَرَ أَشْرَفَ لَهَا عَذَارَى الْمَدِینَةِ وَ أَشْرَقَ الْمَسْجِدُ بِضَوْئِهَا لَمَّا دَخَلَتْهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهَا عُمَرُ غَطَّتْ وَجْهَهَا وَ قَالَتْ (أُفٍّ بِیرُوجْ بَادَا هُرْمُزْ)[3] فَقَالَ عُمَرُ: أَ تَشْتِمُنِی هَذِهِ وَ هَمَّ بِهَا. فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ (ع): لَیْسَ ذَلِکَ لَکَ خَیِّرْهَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ احْسُبْهَا بِفَیْئِهِ، فَخَیَّرَهَا فَجَاءَتْ حَتَّى وَضَعَتْ یَدَهَا عَلَى رَأْسِ الْحُسَیْنِ (ع) فَقَالَ لَهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ: مَا اسْمُکِ؟ فَقَالَتْ: جَهَانْ شَاهُ. فَقَالَ لَهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ (ع): بَلْ شَهْرَبَانُوَیْهِ. ثُمَّ قَالَ لِلْحُسَیْنِ: یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَتَلِدَنَّ لَکَ مِنْهَا خَیْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَوَلَدَتْ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ (ع). و کَانَ یُقَالُ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ (ع) ابْنُ الْخِیَرَتَیْنِ، فَخِیَرَةُ اللَّهِ مِنَ الْعَرَبِ هَاشِمٌ وَ مِنَ الْعَجَمِ فَارِسُ.[4]

و الروایة فیها مناقشة سنداً و دلالة، و من هنا وجه لها عدد من الباحثین سهام النقد، فعلى سبیل المثال قالوا: یقع فی سند الروایة عمرو بن شمر و قد ضعفه علماء الرجال و قالوا: انه لا یعتمد علیه.[5]

و اما المتن فقد وجهت الیه الاشکالات التالیة:

الف: هناک تشکیک فی أصل قضیة أسر بنات یزدجرد.

ب: عمر الامام الحسین (ع) فی ذلک الوقت لایساعد على التصدیق بزواجه (ع) مع تلک البنت؛ و ذلک لانه طبقا للروایة الاولى تکون قضیة فتح خراسان وقعت فی عصر الخلیفة عثمان عام 22 هجری، و اما الروایة الثانیة فتؤکد ان القضیة وقعت فی عصر الخلیفة الثانی (بعد سنین من خلافته)، فاذا کان الملاک هو الروایة الثانیة فیکون عمر الامام الحسین (ع) فی ذلک الوقت بین السنة العاشرة و الحادیة عشرة من عمره الشریف، و من البعید الزواج فی مثل هکذا عمر.

ج.اختلفت کلمة المصادر التاریخیة و الروائیة المتقدمة فی نسب أم الامام السجاد (ع) فذهب بعضها کالیعقوبی (المتوفى284هـ)[6]، و محمد بن حسن القمی[7]، و الکلینی (المتوفى329هـ) [8]، و محمد بن الحسن الصفار (المتوفى290 هـ)[9]، و العلامة المجلسی[10]، و الشیخ الصدوق (المتوفى381 هـ)[11] و الشیخ المفید (المتوفى 413هـ)[12]، الى انها بنت بنت یزدجرد و لکنهم اختلفوا فی تحدید اسمها.

و فی المقابل نرى بعض المصادر المتقدمة و المتأخرة تذهب الى رأی آخر، کالسیستانی، السندی، حیث ذهبوا الى انها کابلیة؛ و هناک الکثیر من المصادر لم تتعرض لذکر مکان الاسر و اکتفت بوصفها بانها "أم ولد".[13]، و هناک مصادر أخرى ذکرت ان اسم ابیها، سبحان، سنجان، نوشجان و شیرویه.

و مما لاریب فیه اننا لا نستطیع مناقشة تلک الروایات من الناحیة السندیة، و ذلک لان الجمیع لا تمتلک سندا قویا یمکن الاستناد الیه، بل ان اکثر المصادر التاریخیة کتاریخ الیعقوبی لم تذکر للقضیة سنداً و انما اکتفت بذکر متن القصة فقط.

من هنا لابد من تسلیط الاضواء على متن الروایة و محتوى الواقعة، و هنا یمکن توجیه الاشکالات التالیة الیها:

1. أهم اشکال یرد على القضیة، الاختلاف الکبیر فی ذکر اسمها و اسم ابیها فهناک مصادر اشارت الى ان اسمها شهربانو، سلاخة، غزالة.

2. الاشکال الآخر الذی یتوجه الى القصة هو الاخلاف الواضح فی تاریخ و زمان الاسر، فبعضها ذهب الى وقوعه فی زمن الخلیفة عمر بن الخطاب و البعض الآخر حدده فی زمن الخلیفة الثالث عثمان، بل ذهب البعض کالشیخ المفید الى الاعتقاد بان القضیة وقعت فی زمن خلافة الامام أمیر المؤمنین (ع).[14]

3. عندما نرجع الى المصادر التاریخیة التی تعرضت لمتابعة القضایا التاریخیة حسب السنین و رصدت الحروب و الوقائع بین المسلمین و بین الایرانیین کتاریخ الطبری و الکامل فی التاریخ لابن الاثیر، نراها تتحدث عن هروب یزدجرد و انتقاله من مدینة الى اخرى فی ایران، لکنها لم تتعرض لذکر قضیة أسر بناته؛ مع العلم ان قضیة بهذا الحجم من الاهمیة لا یمکن للمؤرخ ان یغفلها و لا یتعرض لها، خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار تعرض هؤلاء المؤرخین لنقل قضایا جزئیة لا ترقى فی أهمیتها الى هذه المسالة.

4. تعرض بعض المؤرخین القدامى کالمسعودی لذکر ابناء یزدجرد الثالث قائلا: و قتل یزدجرد الآخر من ملوکهم، و له خمس و ثلاثون سنة، و خلف من الولد: بهرام، و فیروز، و من النساء أدرک، و شاهین، و مرداوند.[15] و هذه الاسماء لا تتطابق مع ما ذکر من الاسماء لأم الامام السجاد (ع)، اضافة الى ان المسعودی لم یتعرض للحدیث عن وقوعها فی اسر المسلمین او غیرهم.

اتضح من خلال ما مرّ، ان مجموع القرائن و النظریات الاخرى حول أم الامام السجاد (ع) و خاصة التقاریر التی نقلت فی القرن الثالث و اعتبرتها ام ولد من السند او کابل، تجعل من الصعب الوصول الى رأی قاطع فی هذه القضیة.[16]



[1]  الصدوق، عیون اخبار الرضا، ج2، ص128، الحدیث6، تصحیح و تعلیق السید مهدی الحسینی اللاجوردی، طبع 1377هجری قمری، الناشر محمد رضا مهتدی، الطبعة الاولى (المنشور فی البرنامج الکامبیوتری جامع احادیث الشیعة),

[2] القمی، الشیخ عباس، منتهى الآمال ، ج 2، ص30، نشر الهجرة.

[3] و تعنی العبارة: تعسا للدهر.

[4] اصول الکافی، ج1، ص467، انتشارات آخوندی.

[5] خلاصة الاقوال فی معرفة الرجال، القسم الثانی، ص241، الباب 7، کلمة عمرو؛ انظر: شهربانو همسر امام حسین.

[6] تاریخ الیعقوبی، ج2، ص303.

[7] تاریخ قم، ص195.

[8] اصول الکافی، ج2، ص369.

[9] بحار الانوار، ج46، ص9.

[10] عیون اخبار الرضا، ج2، ص128.

[11] الارشاد، ص492.

[12] بحار الانوار، 46، ص 9.

[13]الارشاد، 492.زندگانی علی ابن الحسین (ع) = حیاة علی بن الحسین، ص12.

 الشعوبیة، ص305، وانظر: المسعودی، أبو الحسن على بن الحسین بن على (م 346)، مروج الذهب و معادن الجوهر، ج1، 314، تحقیق اسعد داغر، قم، دار الهجرة، الطبعة الثانیة، 1409.

[14] زندگانی علی ابن الحسین (ع) = حیاة علی بن الحسین، ص12.

[15] الشعوبیة، ص305، وانظر: المسعودی، أبو الحسن على بن الحسین بن على (م 346)، مروج الذهب و معادن الجوهر، ج1، 314، تحقیق اسعد داغر، قم، دار الهجرة، الطبعة الثانیة، 1409.

[16] انظر: مادر إمام سجاد.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...