Please Wait
7027
1- العشق الرومانسی الخالی من أی انواع المیول الجنسیة.
2- العشق النابع من الشهوة و المیول الجنسیة.
3- العشق المنطلق من الاحساس بالحاجة الى التعایش و الارتباط مع الآخر کالعشق الذی یحصل عند المسنین حیث نرى فی أخریات حیاتهم اشتداد حرارة الحب لدى الزوجین.
السؤال هنا: أی من هذه الانواع یحظى بتأیید الاسلام و رضاه؟ و هل النوعان الاول و الثانی یمثلان امتحانا الهیا للانسان؟
لقد قسم الفلاسفة و العرفاء العشق الى انواع مختلفة، و لکن یمکن تقسیمه بنحو کلی الى قسمین اساسیین هما:
1- العشق الحقیقی، و هو العشق المختص بذات الله تعالى و صفاته و افعاله فقط.
2- العشق المجازی، مساحة هذا العشق واسعة فان العشق المجازی لایختص بحب الانسان للانسان فقط، بل یشمل کل معشوق غیر ذات الباری تعالى.
و هنا یتساءل عن الموقف الاسلامی من العشق؟
و یمکن القول فی جوابه ان العشق اذا کان من قبیل العشق الحقیقی او بعض انواع العشق المجازی من قبیل العشق العقلانی و الروحانی، فان هذا النوع لا انه غیر مذموم فقط، بل هو ممدوح و یعد من الکمالات الانسانیة، اما اذا کان العشق من قبیل العشق الحیوانی الذی هو ادنى انواع الحب، فهذا النوع من الحب اذا کان مقترنا بالعفاف و التقوى و لم یخرج عن حدود العفة و النزاهة، فلا یعد حینئذ من الصفات الذمیمة و لا اشکال فیه، الا ان هذا النوع من العشق باعتباره سریع الحدوث سریع الزوال لذلک لایحبذ و لا یمکن الاعتماد علیه. و انه قاتل للفضائل و لایمکن التحرز منه الا بالتقوى و الاستعانة بالعفاف و عدم التسلیم للضغوط الشهوانیة، بحیث یمکن للانسان ان یحول ذلک العشق الى عامل نفع و بناء للشخصیة باعتبار ان العاشق یعیش الصراع الداخلی، فمن جهة یعیش ألم الفراق و عدم الوصول الى المحبوب و من جهة ثانیة یعیش حالة التقوى و العفة و النزاهة الامر الذی یجعل منه انسانا یمتلک زمام نفسه.
من هنا یقول العرفاء فی هذا المجال انه من الممکن تحویل العشق المجازی الى حقیقی، بمعنى توجیه العشق نحو الذات الالهیة بحیث ینتفع به الانسان؛ بالاضافة الى الفوائد المترتبة علیه من قبل بعث القدرة و الحرکیة فی الانسان، القضاء على حالة الخوف عند الانسان و منحه الشجاعة و الاقدام، العشق یحول البخیل الى جواد، و العشق یکمل النفس و یظهر الاستعدادات الباطنیة العجیبة لدى الانسان.
ثم ان العشق ینقی النفس الانسانیة من الادران. من هنا اذا کان العشق حقیقیا فهو ممدوح قطعا و اما المجازی فاذا کان مقترنا بالعفة و التقوى فهو الآخر لا یعد مذموما.
عرف العشق من قبل العرفاء و الفلاسفة بانه: الشوق المفرط و المیل الشدید نحو الشیء، و قیل هو فرط الحب، و قیل: هو عُجْب المحب بالمحبوب، و هو مشتق من العَشَقَةُ: شجرة تَخْضَرُّ ثم تَدِقُّ و تَصْفَر، و قیل انه ما یلتفت على ساق الشجرة فیجففها و یبقى هو على نضارته، فالعشق اذا التف على شخص یجفف کل ما سوى محبوبه و یمحوه و یذبل الجسد و لکنه فی نفس الوقت ینور الروح و القلب.[1]
ان العشق و الحب من اهم حالات العارف و اعلى خصائصه الانسان السالک و التی تعد من المبانی المهمة و الاسس الاصلیة للعرفان الاسلامی، حیث یرى العرفان ان العشق احدى الهبات و العطایا الالهیة للانسان[2] و لیس هو من مبتکرات و ابداعات الذهن البشری و ان کانت مقدماته بشریة.
یذهب الشیخ الرئیس الى ان العشق علة وجود الاشیاء، کما یرى ان العشق هبة الهیة لاتختص بالانسان بل هی موجود لدى سائر الموجودات بنحو ما.[3]
کذلک یرى صدر المتألهین ان العشق ساریا فی جمیع الموجودات فلا یخلو مخلوق منه.[4]
و قد قسم العرفاء و الفلاسة العشق الى عدة اقسام یمکن اجمالها فی قسمین اساسیین هما:
الف: العشق الحقیقی، و هو عشق الله تعالى و صفاته و افعاله، و انما یطلق على ذلک النوع من العشق عنوان العشق الالهی حینما یکون خالیا من الطمع فی الجنة و الخوف من النار، بل یکون منطلقا من الحب الخالص لله تعالى و لصفاته، و هذا یعنی ان کمال العشق الالهی یعنی تعلق جمیع القلب به و عدم میل الروح الى غیره و تطهیرها عما سواه سبحانه.
ب: العشق المجازی، للعشق المجازی دائرة واسعة بحیث یمکن القول ان العشق المجازی لا ینحصر بحب الانسان لانسان آخر، بل العشق هو التعلق بما سوى الله تعالى من المعشوقات. من هنا یتعدد العشق المجازی بتعدد المعشوق من قبیل عشق الانسان للمناظر الطبیعیة او الزوجة و الاولاد و المال و الجمال و حب الشهرة و المنصب و... اذن العشق المجازی یتنوع بتنوع معشوقات الانسان، بمعنى آخر، ان احد طرفی العشق یکون ثابتا دائما و هو الانسان و اما الطرف الآخر ای المعشوق فهو مختلف و متعدد.
و هنا نحاول الاشارة بصورة مختصرة الى بعض انواع العشق المجازی:
1- العشق العقلی (العقلانی): یصطلح الفلاسفة العشق العقلی على العشق الذی یکون مبدأه التوجه الى الذات الالهیة و انه خاص بالمقربین له سبحانه. ان العشق العقلی ینشأ من حرکة العقل الکلی الى جوار النفس الناطقة فی عالم الملکوت، من لوائح مشاهدة الجبروت.
ان العشق العقلی یتعلق بالکمال و الحسن المعنوی (و کذلک یتعلق باولیاء الله و فضائلهم و کمالاتهم. المتصلة بعالم الجبروت) کما ان منشأه هو حب الکمال المطلق و صرف الجمال و تجلیاته التی محلها القلب، و ان هذا النوع من الحب مختص باولیاء الله تعالى و اصحاب المعرفة و هو امر ثابت لایزول.[5]
2- العشق الروحانی: و هو العشق المتعلق بمطلق الجمال الاعم من الصوری و الظاهری المرئیات و المسموعات و... و منشأه حب الکمال و الجمال المقترن باللذة العقلیة. فی هذا النوع انما یتعلق العاشق بالمعشوق لجهة الجمال و الکمال فیه لا طلبا للمنفعة الخاصة؛ هذا النوع من العشق ایضا منحصر ببعض الافراد من الخواص فقط.
3- العشق الطبیعی النفسی: هذا النوع من العشق یتعلق بحب الصورة الظاهریة و جمال المحبوب، منزهاً عن اللذة و الشهوة، بل یتعلق به من جهة الاعتدال و حسن التالیف و الترکیب الجمالی فقط.
یقول الشیخ الرئیس: ان هذا النوع من العشق منحصر بالانسان فقط و لایوجد فی الحیوانات، ثم یقول: ان میل النفس الى الجمال الظاهری التی منها الصورة الجمیلة یتفاوت من جهتین، الاولى النظرة الحیوانیة و الثانیة النظرة العقلانیة (النفسانیة)، ثم یقول: العشق النفسانی للشخص الإنسانی إذا لم یکن مبدؤه إفراط الشهوة الحیوانیة، بل استحسان شمائل المعشوق و جودة ترکیبه و اعتدال مزاجه و حسن أخلاقه و تناسب حرکاته و أفعاله و غنجه و دلالة معدود من جملة الفضائل و هو یرقق القلب و یذکی الذهن و ینبه النفس على إدراک الأمور الشریفة.[6] ان منشأ هذا النوع هی فطرة حب الجمال و بقوة ادراک الجمال النفسیة و العطافیة، و هنا یکون متعلق العشق هو الجمال الظاهری للمعشوق.
یقول النراقی فی معراج السعادة: لا یحصل العشق و الحب الا بسبب من الاسباب، و بما ان اسباب العشق متعددة و مختلفة من هنا یکون للعشق و المحبة انواع و اقسام متعددة؛ و ذهب النراقی الى ان احد اقسام المحبة محبة الصور الجمیلة، ثم اضاف قدس: لا یتصور البعض ان محبة الصور الجمیلة هی من اجل اللذة الجنسیة دائما بل یمکن ان تکون منطلقة من ادراک نفس الجمال من زاویة ذات الجمال من دون ملاحظة ادنى قضایا اخرى من قضایا اللذة، بل هی لذة روحانیة مرادة و محبوبة لذاتها و منها حب الانسان للطبیعة و الشلالات و الانهار لا لاجل تناول ثمار الاشجار الخضراء او من اجل شرب المیاه بل للنظر و التنزه فیها، ثم یضیف ان النبی الاکرم (ص) کان یزداد نشاطا و حیویة عند رؤیة المناظر الطبیعیة؛ و لا ریب ان کل ذی طبع مستقیم و قلب سلیم یلتذ بمشاهدة الزهور المتفتحة و انواع الازهار العطرة و یحبها، بل تزول عنه انواع الهموم و المتاعب بمشاهدتها.[7]
4- العشق الطبیعی الحیوانی: ان هذا النوع من العشق الوضیع یقع فی مقابل العشق العفیف و تکون الغایة منه اطفاء نار الشهوة الحیوانیة.[8]
یقول الشیخ الرئیس حول هذا النوع من العشق، ما معناه: ان هذا النوع من العشق صادر عن النفس الحیوانیة و هو الذی یکون مبدؤه شهوة بدنیة و طلب لذة بهیمیة جنسیة و یکون أکثر إعجاب العاشق بظاهر المعشوق و لونه و أشکال أعضائه لأنها أمور بدنیة، و ان هذا النوع من العشق مضر بالنفس الناطفة لان مقتضى النفس الناطقة هو الاهتمام بالکلیات و شأن الکلیات ابدی و شامل، لذلک یستحق هذا النوع من العشق اللوم و الذم.[9]
یقول الاستاذ مطهری عن هذا النحو من العشق: ان هذه النوع من العشق لایمکن الاعتماد علیه لانه سریع الحصول سریع الزوال و کذلک لایمکن الحث علیه لانه قاتل للفضائل کما بینا ذلک فی الجواب الاجمالی. و انما یتم تحصیل الکمال بواسطة العفاف و التقوى و عدم التسلیم امام الشهوات.[10] یعنی انه یمکن للانسان ان یحول ذلک العشق الى عامل نفع و بناء للشخصیة باعتبار ان العاشق یعیش الصراع الداخلی، فمن جهة یعیش ألم الفراق و عدم الوصول الى المحبوب و من جهة ثانیة یعیش حالة التقوى و العفة و النزاهة الامر الذی یجعل منه انسانا یمتلک زمام نفسه. من هنا یقول العرفاء فی هذا المجال انه من الممکن تحویل العشق المجازی الى حقیقی، بمعنى توجیه العشق نحو الذات الالهیة.[11]
اما العشق الحیوانی فیتعلق بانواع الملذات و اسباب اللذة نظیر المأکولات و المنکوحات، و منشأ هذا النوع من العشق هو الغرائز و المیول الحیوانیة و منطلقا من النفس الامارة؛ فی هذا النوع من العشق یراد العاشق و المعشوق لما فیه من اللذة و النفع فقط.
و اما السؤال عن حکم مثل هذا النوع من العشق؟
اختلف الفلاسفة فی ذلک، فذهب بعضهم الى ان هذا النوع من العشق مذموم و غیر مستحسن. و فی المقابل ذهب فریق آخر الى العکس من ذلک.
یقول الملا صدرا: إن هذا العشق لما کان موجوداً على نحو وجود الأمور الطبیعیة فی نفوس أکثر الأمم من غیر تکلف و تصنع، فهو لا محالة من جملة الأوضاع الإلهیة التی یترتب علیها المصالح و الحکم فلابد أن یکون مستحسنا محموداً سیما و قد وقع من مباد فاضلة لأجل غایات شریفة من تعلیم العلوم و الصنائع اللطیفة و الآداب و الریاضیات و فی النهایة یکون منشأ للنکاح و بقاء النوع الانسانی.
و على هذا الاساس إن العشق الطبیعی و ان کان یقع فی اسفل درجات العشق و ان الغرض الاساسی منه اطفاء نار الشهوة الحیوانیة، الا انه مع ذلک یمکن ان یکون عاملا ایجابیا اذا اقترن بالعفاف و التقوى و ان ذمه بعض العرفاء و الفلاسفة، فالانسان یمکن ان ینتفع به اذا لم یتجاوز الحدود الشرعیة و حسب ما قاله الملا صدرا یکون عنصرا فی تحقق النکاح و بقاء النوع البشری.[12]
ان الملا صدرا من العرفاء و الفلاسفة الذین قسموا العشق الى ثلاثة اقسام، حیث قال: إن العشق الإنسانی ینقسم إلى حقیقی و مجازی و العشق الحقیقی هو محبة الله و صفاته و أفعاله من حیث هی أفعاله و المجازی ینقسم إلى نفسانی و إلى حیوانی.
و یعتقد الملا صدرا ان تمام الموجودات فی العالم عاشقة لله عشقاً حقیقیاً و مشتاقة الى لقائه و قد خلق الله تعالى فی جبلة کل الموجودات هذا النوع من العشق.[13]
الاثار العامة للعشق:
للعشق الحقیقی آثار و برکات سامیة و عالیة جدا و ان آثاره تختلف عن آثار العشق المجازی و فوائده؛ لکن هناک آثار و فوائد مشترکة بین العشقین؛ بمعنى ان العشق بصرف النظر عن کونه حقیقیا او مجازیا و سواء کان مجازیا نفسیاً ام حیوانیاً و بقطع النظر عن ماهیة المعشوق، له مجموعة من الآثار و الفوائد المشترکة فی جمیع الانواع، منها:
1. القضاء على حالة الغرور و الانانیة عند الانسان العاشق.
2. بعث الطاقة و القوة و الحرکة فی الانسان.
3. الغفلة عن عیوب المعشوق و اظهارها بصورة جمیلة.
4. القضاء على حالة الخوف و الوحشة لدى العاشق و خلق حالة الشجاعة و الاقدام لدیه.
5. ایجاد صفة البذل و العطاء و السخاء بحیث یحول البخیل الى جواد.
6. تکمیل النفس و بروز الاستعدادات الباطنیة العجیبة.
النتیجة: یظهر من خلال کلام العرفاء و الفلاسفة ان العشق اذا کان من النوع الحقیقی او کان من بعض انواع العشق المجازی کالعشق العقلانی و العشق الروحانی، فلیس مذموما بل ممدوحا و یعد من الکمالات. و اما العشق الحیوانی الذی هو فی اسفل درجات العشق فاذا کان مقرونا بالعفة و التقوى و لم یخرج عن حریم العفاف فلا اشکال فیه.
[1] التهانوی، محمد اعلی بن علی، کشاف اصطلاحات الفنون، ج 2، ص 1012؛ سجادی، سید جعفر، فرهنگ اصطلاحات و تعبیرات عرفانی" معجم المصطلحات العرفانیة"، مادة عشق؛ فرهنگ علوم عقلی" معجم المصطلحات العقلیة" لنفس المؤلف، ص 357.
[2] عطار النیشابوری، تذکرة الاولیاء، ص 328.
[3] ابن سینا، الرسائل، ص 375.
[4] ملاصدرا، الاسفار الا ربعة، ج 7، ص 149.
[5] رحمییان، سعید، حب و مقام محبت در حکمت و عرفان نظری" الحب و مقام المحبة فی الحکمة والعرفان النظری"، ص 152.
[6] ابن سینا، رسالة العشق، نقلا عن، حب و مقام محبت در حکمت و عرفان نظری "الحب ومقام المحبة فی الحکمة والعرفان النظری"، ص 139 و 140.
[7] النراقی، ملا احمد، معراج السعادة، ص 529.
[8] سجادی، سید جعفر، فرهنگ علوم عقلی" معجم المصطلحات العقلیة"، ص 139 و 140.
[9] ابن سینا، رسالة العشق، نقلا عن، حب و مقام محبت در حکمت و عرفان نظری "الحب و مقام المحبة فی الحکمة و العرفان النظری"، ص 140 و 141.
[10] المطهری، مرتضی، مجموعه آثار، ج 16، ص 251.
[11] نفس المصدر.
[12] الأسفارالأربعة، ج 7، ص 173.
[13] سجادی، سید جعفر، مصطلحات فلسفی صدر الدین شیرازی، ص 153 – 155.