الحديث عن الامام الكاظم عليه السلام واولاده واحفاده يحتاج الى تدوين اكثر من كتاب ويكفيك ان تعلم ان المشجر الوافي في السلسلة الموسوية يقع في ثلاثة مجلدات.[1]
وهناك الكثير من الكتب والمصنفات التي دونت حول حياة الامام عليه السلام .[2] ومن هنا نشير بصورة مختصرة جدا لحياته الشريف:
اسمه الشريف: موسى بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن ابي طالب عليهم السلام جميعا.[3]
ولادته ووفاته: ولد بالابواء بين مكة والمدينة يوم الاحد في 7 صفر سنة 128 هجري، واستشهد بالسم في سجن الرشيد عام 183 هجري على المشهور وقيل عام 181وقيل 186وقيل 188 ، ودفن في بغداد في الجانب الغربي في المقبرة المعروفة بمقابر قريش المشهورة في ايامنا هذه بالكاظمية. وقال الشيخ المفيد: وكانت هذه المقبرة لبني هاشم و الاشراف من الناس قديما.
امه: عن الجنابذي في معالم العترة : امه حميدة الاندلسية و في اعلام الورى امه ام ولد يقال لهاحميدة البربرية ويقال لها حميدة المصفاة، و في المناقب امه حميدة المصفاة ابنة صاعد البربري وتكنى لؤلؤة.[4]
اسماؤه والقابه: يعرف بأسماء عديدة، منها: العبد الصالح، والكاظم، والصابر، والأمين.
كنيته: قال المفيد: يكنى ابا ابراهيم وابا الحسن وابا علي ،وقال ابن شهر آشوب: كنيته ابو الحسن الاول وابو الحسن الماضي و ابو ابراهيم وابو علي ،وقال ابن طلحة : كنيته ابو الحسن وقيل ابو اسماعيل.[5]
بوابه: محمد بن المفضل ، وفي المناق بابه المفضل بن عمر.[6]
شاعره: السيد الحميري[7]
امامته عليه السلام:
من المعروف والمتسالم به لدى الشيعة الامامية ان احدى طرق اثبات امامة الامام هي النص من قبل الامام السابق له ومن خلال الاختبار بمسائل يعجز عنها الانسان العادي، ومن حسن الحظ ان امامة الامام الكاظم عليه السلام قد توفر على كم هائل من النصوص الداعمة لامامته عليه السلام، قال ابن الصباغ المالكي: روى عبد الاعلى عن الفيض بن المختار قال: قلت لابي عبد الله جعفر الصادق (ع) : خذ بيدي من النار، من لنا بعدك؟ فدخل موسى الكاظم وهو يومئذ غلام، فقال -أي الصادق - عليه السلام - «هذا صاحبكم فتمسّك به»[8]
قال الشيخ المفيد: هو الإمام بعد ابيه، والمقدّم على جميع بنيه لاجتماع خصال الفضل فيه، وورود صحيح النصوص وجلي الاقوال عليه من ابيه بأنّه ولي عهده والإمام القائم من بعده.[9]
الملوك الذين عاصرهم:
لقد تصدى الامام الكاظم (ع) لامور الامامة في وقت شهدت فيه الدولة العباسية استقرار اركانها وثبات بنيانها، فقد تصدى للحكم في تلك الفترة اعتى واشد الحكام الظلمة و الجبابرة ، وكانت دولتهم تعيش الاستقرار الداخلي ولم تظهر فيها الخلافات والانقسامات الداخلية مما جعل السيطرة على خصومهم والمخالفين لهم سهلة ويسيرة، ومن هولاء الحكام :
1- ابو جعفر المنصور الدوانيقي: و هو الملك الثاني للدولة العباسية بعد اخيه، ابي العباس السفاح،.والمعروف عنه انه كان مشهورا بالبخل حتى لقب بالدوانيقي، و مشهور بالخيانة و اللؤم و عدم الوفاء.
2- محمد المهدي العباسي: عرف بميله نحو اللهو و الخلاعة و المجون و النساء وتشجيع ذلك حتى اصبح ابنه «ابراهيم» شيخ المغنين و بنته «عليّة» في طليعة المغنيات و العازفات و الراقصات في بغداد.
والى هذا يشير دعبل الخزاعي في احدى قصائدة مقارنا بينهم وبين العلويين:
منكم علية ام منهم وكان لهم شيخ المغنين ابراهيم ام لهم [10]
3-موسى الهادي العباسي: تسلم الحكم وله من العمر 25 سنة وكان شديد الخصومة مع اهل البيت عليهم السلام وكان شريرا تظهريعيش حالة من الغرور و الطيش، وقد كانت فترة حكمه من الفترات القاسية على اهل البيت و شيعتهم.وقد وصفه المؤرخ المسعودي في مروج الذهب قائلاً: كان قاسي القلب، شرس الاخلاق، صعب المرام.
اندلعت في عصره الثورة قادها العلويون والمعروفة بوقعة فخ بقيادة الحسين بن على و قد ساند الامام الكاظم (ع) الثورة حيث بشر صاحبها بالشهادة و اوصاه بالقوة والصبر قائلاً له: انك مقتول فاحد الضراب فان القوم فساق.... ومن المعلوم ان هذا الموقف من الامام يعد دعما واسنادا واضفاء للشرعية على الثورة.
4- هارون الرشيد:
اشتهر هارون بالترف المالي والبذخ وكثرة الجواري و المغنيات و الراقصات وكان شديد الخصومة للعلويين والسعي لابادتهم وكان سجن الامام الكاظم (ع) اكثر من مرة كانت شهادة الامام عليه السلام في المرة الاخيرة منها على يد السندي بن شاهك. [11]
موقف الامام من هارون
بالرغم مما اشتهر به هارون من العنف والقسوة والشدة والصلف وخاصة مع العلويين الا اننا نرى الامام عليه السلام لايعير لتلك القسوة والشدة اية اهتمام وكان يقف امام هارون بكل شموخ وعز وشجاعة ،ولقد نقل لنا التاريخ بعض مواقف الامام مع هارون نشير الى بعضها:
الاول: تظاهر هارون بالتشرف بالانتساب للرسول (ص)
روى الخطيب في تاريخ بغداد بسنده قال: حجّ هارون الرشيد فأتى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم زائراً، وحوله قريش ومعه موسى بن جعفر، فلمّا انتهى الى القبر قال: السلام عليك يا رسول الله يا بن عمّي - افتخاراً على من حوله -، فدنا موسي بن جعفر فقال: «السلام عليك يا أبة» فتغيّر وجه الرشيد وقال: هذا الفخر يا أبا الحسن حقّاً. [12]
الثاني : رسم الحدود لفدك من قبل الامام عليه السلام
ذكر الزمخشري : أنّ هارون كان يقول لموسى بن جعفر: يا ابا الحسن حد "فدك" حتى أردها عليك، فيأبى ، حتى ألحّ عليه فقال: « لا أحدها إلاّ بحدودها» قال: وما حدودها؟ قال: « إن حددتها لم تردها»، قال: بحق جدك إلاّ فعلت، قال: «أمّا الحد الأوّل فعدن» فتغيّر وجه الرشيد وقال: هيه، قال: «والحد الثاني سمرقند» فأربد وجهه، قال:« والحد الثالث افريقيا» فاسودّ وجهه وقال: هيه، قال: «والرابع سيف البحر مماّ يلي الخزر وارمينية»، قال الرشيد: فلم يبق لنا شيء فتحوّل في مجلسي، قال موسى - عليه السلام -: «قد أعلمتك أنّي إن حددّتها لم تردّها». [13]فعند ذلك عزم على قتله.
الثالث:اثبات نسبته الى الرسول الاكرم (ص)
حكي أنّ الرشيد سأله يوماً: كيف قلتم نحن ذرّية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنتم بنو علي وإنّما ينسب الرجل الى جدّه لأبيه دون جدّه لامّه؟ فقال الكاظم (ع) :«أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بِسم الله الرَّحمن الرَّحيم: {ومِن ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيمانَ وَأيُّوبَ ويُوسُفَ ومُوسى وهرون وَكَذلكَ نَجزِي المُحِسنِينَ * وَزَكَريّا وَيَحيى وَعِيسى وإلياسَ...}[14] وليس لعيسى أب إنّما أُلحق بذريّة الأنبياء من قبل أُمّه، وكذلك أُلحقنا بذريّة النبي من قبل أُمّنا فاطمة الزهراء، وقال الله عزّ وجلّ: { فَمَن حاجَّكَ فِيهِ مِن بَعدِ ما جاءَكَ مِنَ العِلم فَقُل تَعالَوا نَدعُ أبناءَكُم ونِساءَنا ونِساءَكُم وأنفُسنَا وأنفُسَكُم ثُمَّ نَبَتهِل...} [15]ولم يدع صلى الله عليه وآله وسلم عند مباهلة النصارى غير علي وفاطمة عليهما السلام والحسن والحسين عليهما السلام وهما الأبناء»[16]
علمه عليه السلام واخلاقه
اشارات الروايات الى سعة علمه وفهمه ودماثة خلقه عليه السلام، وكيف لا وهو من بيت النبوة ومعدن الرسالة ومهبط الملائكة، فمن تلك الروايات الكثيرة نشير الى ثلاثة منها فقط:
الاولى: في تحف العقول للحسن بن علي بن شعبة: قال ابو حنيفة: حججت في ايام ابي عبد الله الصادق (ع) فلمّا أتيت المدينة دخلت داره فجلست في الدهليز أنتظر إذنه، إذ خرج صبي فقلت: يا غلام أين يضع الغريب الغائط من بلدكم؟ قال: «على رسلك»، ثمّ جلس مستنداً الى الحائط، ثمّ قال: «توقّ شطوط الأنهار، ومساقط الثمار، وأفنية المساجد، وقارعة الطريق، وتوار خلف جدار، وشل ثوبك، ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها، وضع حيث شئت» فأعجبني ما سمعت من الصبي فقلت له: ما اسمك؟ فقال: « أنا موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب» فقلت له: يا غلام ممّن المعصية؟ فقال:
«إنّ السيّئات لا تخلو من احدى ثلاث: إمّا أن تكون من الله وليست من العبد فلا ينبغي للربّ أن يعذّب العبد على مالا يرتكب، وإمّا أن تكون منه ومن العبد وليست كذلك فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الشريك الضعيف، وإمّا أن تكون من العبد - وهي منه - فإن عفا فبكرمه وجوده وإن عاقب فبذنب العبد وجريرته».
قال أبو حنيفة: فانصرفت ولم ألق أبا عبد الله واستغنيت بما سمعت.
وروى ابن شهر آشوب في المناقب نحوه إلاّ أنّه قال: «يتوارى خلف الجدار ويتوقّى أعين الجار»، وقال: فلمّا سمعت هذا القول منه نبل في عيني، وعظم في قلبي. وقال في آخر الحديث: فقلت: ذرّية بعضها من بعض. [17]
الثانية: روى أبو الفرج الاصفهاني: حدثنا يحيى بن الحسن قال: كان موسى بن جعفر إذا بلغه عن الرجل ما يكره بعث إليه بصرّة دنانير. وكانت صراره ما بين الثلاثمائة وإلى المائتين دينار، فكانت صرار موسى مثلا.
وقال: إنّ رجلاً من آل عمر بن الخطاب كان يشتم علي بن أبي طالب إذا رأى موسي بن جعفر، ويؤذيه إذا لقيه، فقال له بعض مواليه وشيعته: دعنا نقتله، فقال: «لا»، ثمّ مضى راكباً حتى قصده في مزرعة له فتواطأها بحماره، فصاح: لا تدس زرعنا.
فلم يصغ إليه وأقبل حتى نزل عنده فجلس معه وجعل يضاحكه، وقال له: «كم غرمت على زرعك هذا»؟ قال: مائة درهم، قال: «كم ترجو أن تربح»؟ قال: لا أدري، قال: «إنّما سألتك كم ترجو»، قال: مائة أخرى. قال: فأخرج ثلاثمائة دينار فوهبه له، فقام فقبّل رأسه، فلمّا دخل المسجد بعد ذلك وثب العمري فسلّم عليه وجعل يقول: الله أعلم حيث يجعل رسالته.
وكان بعد ذلك كلّما دخل موسى خرج وسلّم عليه ويقوم له، فقال موسى لجلسائه الذين طلبوا قتله: «أيّما كان خيرا ما أردتم أو ما أردت»[18]
الثالثة: كان يصلّي نوافل الليل ويصلها بصلاة الصبح ثمّ يعقّب حتى تطلع الشمس ويخرّ لله ساجداً، لا يرفع رأسه من الدعاء والتحميد حتى يقرب زوال الشمس.
وكان يدعو كثيراً فيقول:
«اللّهمّ إنّي أسألك الراحة عند الموت، والعفو عند الحساب»، ويكرّر ذلك.
وكان من دعائه (ع) «عظم الذنب من عبدك ، فليحسن العفو من عندك».
وكان يبكي من خشية الله حتى تخضل لحيته بالدموع.
وكان أوصل الناس لأهله ورحمه.
وكان يتفقّد فقراء المدينة في الليل فيحمل إليهم الزنبيل فيه العين والورق والأدقة والتمور، فيوصل إليهم ذلك ولا يعلمون من أي جهة هو. [19].
وقد روى عنه العلماء في فنون العلم ما ملأ الكتب، وكان يعرف بين الرواة بالعلم. وقد روى الناس عنه فأكثروا، وكان أفقه أهل زمانه وأحفظهم لكتاب الله.[20]
ابناؤه واحفاده
كما قلنا في بداية الحديث ان الكلام هنا يحتاج الى اكثر من مجلد من هنا نكتفي بذكر اسماء ابنائه وبناته المباشرين ونحيلكم الى كتب الانساب المختصة لمطالعة مابقي:
قال صاحب المشجر الوافي بعد مناقشة جميع الاراء في هذا المجال:
اسماء ابناء الامام الكاظم (ع) الذکور فقط:
اعقب الامام الکاظم (ع) من الذکور[21] فقط ثلاثة و عشرین ,نذکر اسماءهم اولاً ثم بعد ذلك نخوض في أي منهم معقب، فاسماؤهم هي :
- إبراهيم الاصغر المرتضى و يعرف بالمجاب ايضاً.
- محمد العابد و عبدالله
- العباس و اسماعيل
- جعفر الخواري ((و برواية ابن شدقم في تحفته : ان للامام ابنا باسم جعفر الاكبر
((قلت)): و الظاهر ان احدهما لا عقب له والآخر معقب و هو المعروف بجعفر الخواري و هذا متسالم علیه لذا یرتفع الرد علی ابن شدقم))
- اسحاق وحمزة
- عبدالرحمن و عقیل
- القاسم و یحیی
- داود و سلیمان
- احمد والفضل
- الحسن و الحسین
- زید النار و عبید الله
- ابراهیم الاکبر و هارون
- عمر((بروایة ابن شدقم في تحفته))
هذه اسماؤهم و سنوضح المعقب منهم و غير المعقب بناء على ما وصلنا له تحقيقاً لما تحكيه مصادر الاثبات التي كتبت من القرن الرابع الهجري حتى القرن الحادي عشر , و لما تحكيه الوثائق الخطیة التي كتبت من بداية القرن الثاني عشر الهجري حتى منتصف القرن الرابع عشرالهجري.[22]
بنات الامام عليه السلام
- فاطمة الكبرى
- فاطمة الصغرى
- رقية
- حكيمة
- ام ابيها
- رقية الصغرى
- كلثم
- ام جعفر
- لبابة
- زينب
- خديجة
- علية
- آمنة
- حسنة
- بريهة
- ام سلمة
- ميمونة
- ام كلثوم
وبعض زاد اسماء اخرى.[23]
[1] المشجر الوافي للسيد حسين ابو سعيدة الموسوي، اصدار دار المحجة البيضاء.
[2] انظر موسوعة ائمة اهل البيت لباقر شريف القرشي،وفي رحاب ائمة اهل البيت عليهم السلام للسيد محسن الامين ،وغيرها الكثير من الكتب .
[3] وفي رحاب ائمة اهل البيت عليهم السلام للسيد محسن الامين:ص80.
[4] المصدر نفسه.
[5] انظر الارشاد للشيخ المفيد والمناقب لابن شهر آشوب،ومطالب السؤول لابن طلحة .
[6] وفي رحاب ائمة اهل البيت عليهم السلام للسيد محسن الامين:ص81.
[7] المصدر نفسه.
[8] الفصول المهمّة 231.
[9] للوقوف على النصوص التي وردت في الاشارة الى امامته انظر: الكافي 1 / 307 - 311، اثبات الهداة 3 / 156 - 170 وقد نقل الاخير ما يناهز 60 حديثا على امامته.
[10] ديوان دعبل الخزاعي.
[11] لمزيد الاطلاع انظر تاريخ الخلفاء للسيوطي ومروج الذهب للمسعودي والارشاد للشيخ المفيد.
[12] وفيات الأعيان 5 /9.
[13] ربيع الأبرار 1 / 315.
[14] الانعام:84.
[15] آل عمران:61.
[16] الفصول المهمّة 238، والآيتان من سورتي الأنعام 84، وآل عمران 61.
[17] تحف العقول 303، المناقب لابن شهر آشوب 4 / 314.
[18] مقاتل الطالبيين 499 - 500، تاريخ بغداد 28.
[19] المفيد: الارشاد: 296.
[20] انظر: الارشاد 298، والكافي :1 / 13 - 20، وتحف العقول: 283.
[21] من غیرعلي بن موسى الامام الرضا علیه السلام
[22] انظر المشجر الوافي المجلد الاول ص65-66.
[23] في رحاب ائمة اهل البيت عليهم السلام للسيد محسن الامين:ص81-82.