إن وجود الأئمة المعصومين له كثيرٌ من الفوائد و العطاء، بعض هذه الفوائد يتعلق بوجودهم و حضورهم في أوساط الناس، و لكن ذلك لا يعني أن غياب أحدهم يمنع من أن يكون لوجوده المبارك فائدة للناس أو لكل عالم الوجود، و فيما يلي بعض الفوائد و العطاءات المترتبة على وجود إمام الزمان (عج) «في حال غيبته» كما وردت في الروايات و كلمات كبار العلماء:
- قيام الحجة الواضحة
إن الأئمة سواء كانوا حاضرين أم غائبين فإنهم يمثلون حجة الله في أرضه و هم البراهين و الدلائل الإلهية، و كذلك تقوم بهم الحجة البالغة لله.
يقول الإمام علي (ع): «يا كميل.... اللَّهُمَّ بَلَى لَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً وَ إِمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً لِئَلَّا تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ وَ بَيِّنَاتُه[1]. و كذلك وصلتنا روايات عن باقي الأئمة المعصومين (ع) بهذا المضمون، و التي تؤكد أن الأرض لا تخلو من حجة لله في زمان.[2]
- وسائط الفيض الإلهي
يقول الإمام السجاد (ع): «حْنُ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَ حُجَجُ اللَّهِ عَلَى الْعَالَمِينَ وَ سَادَةُ الْمُؤْمِنِينَ وَ قَادَةُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ وَ مَوَالِي الْمُؤْمِنِينَ وَ نَحْنُ أَمَانُ أَهْلِ الْأَرْضِ كَمَا أَنَّ النُّجُومَ أَمَانٌ لِأَهْلِ السَّمَاء...».[3] و كذلك أشير إلى بعض هذه البركات في الزيارة الجامعة الكبيرة: «بكم ينزل الغيث و بكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، و بكم ينفّس الهم و يكشف الضر».[4] بواسطة الأئمة تنزل النعم الإلهية خاصها و عامها على الناس و على الشيعة.[5]
- استفادة الناس من وجودهم
سئل الإمام السجاد (ع) كيف يمكن للناس أن تستفيد من الإمام الغائب؟ فقال: «كما تستفيدون من الشمس التي يغطيها السحاب».[6] فكما أن الشمس ترسل بأشعتها من خلف السحاب، فكذلك نور ولاية الإمام الغائب يشع، و إن الناس يستفيدون منه سواء كانوا يشعرون بذلك أم لا يشعرون.[7]
يقول المرحوم المحقق الطوسي: إن وجود الإمام لطف و أن تصرفه لطف آخر، و أن كونه غائبا نتيجة لأعمالنا؛[8] أي أن وجوده لطف للعموم، و أن لوجوده بركات و آثار، مع أنه لم يكن حاضراً بيننا و أننا محرومون من وجوده بسبب أعمالنا غير اللائقة.
و نحن نعتقد بأنه على الرغم من كون الإمام غائباً و لكنه على اطلاع و معرفة بأقوال الناس و أعمالهم، و معنى الغيبة هو أن يعيش في أوساط الناس إلا أن أحداً لم يعرفه، و لذلك يكون له دور مؤثر في دفع الناس إلى الفضائل و المكارم و القيم و إبعادهم عن المعاصي و الرذائل.
- إفاضاته و عناياته الربانية الخاصة بالمؤمنين[9]
إن للإمام عناية خاصة بالمؤمنين و بشيعته، و بواسطته يدرأ عن الشيعة البلاء و يصلون إلى مراتب عالية في سلم الكمال، يقول الإمام (عج): «إنا لا ننساكم، و بنا يدفع الله البلاء عن أهلنا و شيعتنا».[10]
[1]. نهج البلاغة، الحكمة 147، ص497.
[2]. الكافي، ج 1 ، ص 178، بَابُ أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ.
[3]. المعجم الألفبائي للموعود، مجتبى تونه اى، ص529؛ بحارالأنوار، ج 23، ص 6.
[4]. مفاتيح الجنان، الزيارة الجامعة الكبيرة.
[5]. للاطلاع الأكثر، انظر: الموضوع: مباني فلسفة المهدوية، سؤال 1106 (الموقع: 1901).
[6]. معجم الموعود، ص 529.
[7]. مجلة الانتظار المختصة، ش 5، ص 130، مقالة علي رباني گلپايگاني.
[8]. «انحصار اللطف فيه معلوم للعقلاء و وجوده لطف و تصرفه آخر و عدمه منا» كشف المراد، ص363. للاطلاع الأكثر، انظر: الموضوع: المباني الكلامية للمهدوية، سؤال 559 (الموقع: 610).
[9]. مكيال المكارم، ج 1، ص 271، نقلاً عن معجم الموعود، ص 593.