Please Wait
11680
فی الرؤیة الاسلامیة انه یجب أن یسعی الرجل و المرأة نحو هدف مشترک و هو الوصول إلی أوج قمة الکمال الانسانی، و کلاهما متساویان فی القدرة للوصول الی هذا الهدف، و ان اختلاف الجنس - و هو لازم الخلقة – لیس له دور فی إیجاد أو زیادة الاستعداد و القدرة و لیس له دور فی التقییم الدینی. إذن فلا کمال المرأة هو فی أن یکون لها مقام مثل مقام الرجل، و لا ان للرجال ان یفخروا بجنس رجولتهم.
فمن وجهة نظر الاسلام:
- المرأة مظهر و رمز للجمال و الظرافة و السکن.
- المرأة و سیلة لسکون الرجل، و الرجل سند و مسؤول عن المرأة.
- التقرب الی الله، الاستفادة من نتیجة العمل الصالح، السیر فی مسیر السلوک لا یختص بجنس معین.
- اختلاف الرجل عن المرأة فی الاحکام لیس ناشئاً من الظلم و تقدیم الرجل، بل هو ناشئ من المسؤولیة الکبری للرجل و وظیفته فی قبال الاسرة و المجتمع.
اذا لم نغمض أعیننا عن الواقع، و نری الظواهر کما هی لا کما نحب نحن ان تکون، و حینئذ ننظر و نتحدث، نری انه لیس کمال المرأة هو ان یکون لها مقام کمقام الرجل و لا انه یجوز للرجال ان یفخروا بجنس رجولتهم. فالواقع هو ان جسد الخلقة الانسانیة خلق من نصفین مستقلین لکنهما مسنجمان و هما الرجل و المرأة.
ان میزان التفاضل فی الرجال و النساء هو (السعی) من أجل تحقق (الانسانیة) أی تبدیل الاستعداد الی رأسمال جارٍ. و لا یوجد تفاوت بین جنسیة المرأة و الرجل من وجهة نظر الوحی و الفکر الاسلامی القرآنی الاّ فیما هو ضرورة النظم و النظام المنسجم للخلقة.
و بما أن السؤال رکز علی معرفة منزلة المرأة فی الاسلام، فیجب ان نرکز جیداً علی أصول الفکر الدینی؛ یعنی القرآن و السنة الأصلیة للنبی و أهل البیت (ع).
أشکال و أبعاد منزلة المرأة:
یمکن دراسة منزلة و مقام المرأة فی الاسلام من ثلاثة أبعاد:
الف- العنوان و الشخصیة الانسانیة:
1- المرأة رمز و مظهر الظرافة و الجمال و السکن: انّ کل موجود مظهر لاسم من الأسماء الالهیة، لان الخلق و هو من أو صاف الله الفعلیة (و لیس من أوصاف الذات الالهیة) عبارة عن: تجلی الخالق فی أشکال المخلوقات المختلفة. و کما قال أمیر المؤمنین علی (ع): «الحمد لله المتجلی لخلقه بخلقه». [1] و [2]
فمن وجهة نظر القرآن فان سر خلقة المرأة و تأسیس نواة الاسرة و رابطة الزوجیة هو أمر فوق المیول الغریزیة و اللذات الوقتیة. «وَ مِنْ آیاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَکُمْ مِنْ أَنْفُسِکُمْ أَزْواجاً لِتَسْکُنُوا إِلَیْها وَ جَعَلَ بَیْنَکُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ فی ذلِکَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَتَفَکَّرُونَ ». [3]
2- ان جمیع الامتیازات العنصریة و الجنسیة باطلة و «ان اکرمکم عند الله اتقاکم» [4] .
3- ان دعوة جمیع الانبیاء (ص) و خطاب جمیع الکتب السماویة هو لجنس البشر عامة و الکل ینادی بصوت واحد «فمن تبعنی فانه منی» [5] .
4- ان مقام المرأة فی الخلقة هو فی المحل الذی لا توجد حدود للانتصارات و المکاسب و النجاحات. «یا ایها الانسان انک کادح الی ربک کدحا فملاقیه»، [6] و «کل امرئ بما کسب رهین»، [7] «و ان لیس للانسان الاّ ما سعی و ان سعیه سوف یری». [8]
5- ان کل من کان عبداً لله فهو قریب منه سواء کان رجلاً أو امراة..
«وَ إِذا سَأَلَکَ عِبادی عَنِّی فَإِنِّی قَریبٌ أُجیبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْیَسْتَجیبُوا لی وَ لْیُؤْمِنُوا بی لَعَلَّهُمْ یَرْشُدُونَ ». [9]
6- ان للوصول إلی الحیاة الطیبة الطاهرة و الهنیئة شرطین: العمل الصالح، و کون الانسان مؤمناً، سواء کان رجلا ام امراة.
«مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَکَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْیِیَنَّهُ حَیاةً طَیِّبَةً وَ لَنَجْزِیَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما کانُوا یَعْمَلُونَ». [10]
7- کل من یتنکر للحقائق فانه یبتلی باللعن الالهی: «إِنَّ الَّذینَ کَفَرُوا وَ ماتُوا وَ هُمْ کُفَّارٌ أُولئِکَ عَلَیْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِکَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعین». [11]
و ما یستفاد من هذه الآیات، هو أن الطرف فی خطاب الله هو الانسان، ابن آدم، فهو مرهون بعمله و إیمانه و عقیدته "و ما یزرعه یحصده" سواء کان رجلاً ام امرأة. و المرأة فی منظار الوحی هی فی موضع شخصیة (الانسان) و لیس للجنسة تأثیر فی الخطوط الأصلیة للتکلیف و شخصیة الانسان.
و نتعرض الآن الی تحلیل بعد آخر من أبعاد مکانة المرأة و منزلتها فی الاسلام:
ب- المرأة فی معراج العرفان و سماء المعرفة:
1- لیس الله خاصاً للرجال، و لا المعرفة جوهرة محرمة علی المرأة أو انه لا یمکن عرضها علی النساء، ان الرقی المعنوی تابع لهذا القانون:
المعرفة، الحب، الطاعة، القرب.
و حینئذ فلا یختلف الحال فی الأشخاص و فی مقدار همتهم فی طلب المعرفة، و العلم و الحکمة، و المهم أن نعرف للهدایة قدرها و حینئذ نکون من المشمولین للوعد الالهی فی الآیة «و الذین جاهدوا فینا لنهدینهم سبلنا»، فقد سلک الکثیرون فی هذا الوادی – رجالاً و نساءً – و یذکر القرآن الکریم اسوتین حسنتین و اسوتین للأعتبار: «وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذینَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ [12] إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لی عِنْدَکَ بَیْتاً فِی الْجَنَّةِ وَ نَجِّنی مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّنی مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمین». [13]
و الاسوة الحسنة الاخری هی مریم (ع) التی ورد وصفها فی الآیة 12 من سورة التحریم.
کما یذکر نموذجین لاناس السوء بذکره لامرأتین سیئتین هما زوج النبی نوح و النبی لوط (ع). [14]
فهذه الآیات قد ذکرت هؤلاء النسوة الصالحات و الطالحات کمثال للجمیع و لیس للنساء فقط .
2- ان رأس المال المهم للسوک هو (القلب) و (الانکسار) و للنساء نصیبهن الأوفی من هذا الرأسمال.
ان طرق تکامل و تعالی الانسان مختلفة، فمنها طریق الفکر و منها طریق الذکر، و اذا لم تکن النساء افضل من الرجال فی طریق الذکر و المناجاة فهن یقیناً مثل الرجال فی ذلک. [15]
3- قال رسول الله (ص): «خیر العلم التوحید و خیر العبادة الاستغفار». [16] و من الواضح ان الوصول لهذه العلوم أیضاً لا یختلف فیه الحال بین الرجل و المرأة.
4- اذا کنا متقین فاننا نحصل علی المعنویة، و لیست التقوی أیضاً منحصرة فی جماعة خاصة: «انه من یتق و یصبر فان الله لا یضیع اجر المحسنین». [17]
«وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى *فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِیَ الْمَأْوى». [18]
و الخلاصة: ان وجود نماذج متعددة من النساء العارفات فی کل عصر و مکان، لهو أفضل شاهد علی کون طریق السلوک و العرفان مفتوحاً أمام النساء.
ج- موقع المرأة فی الاحکام و القوانین الالهیة:
یبدو ان الذی سبب إیجاد السؤال و التردید حول موقع المرأة فی الاسلام هو وجود بعض الاحکام الخاصة بالنساء و التی یمکن رفع اشکالها بملاحظه عموم الاحکام و دور الجنس فیها:
ان الاحکام الاسلامیة -بملاحظة الجنسیة- علی انواع:
1- الاحکام المشترکة؛ مثل الصلاة، و الصوم و الحج و... .
2- الاحکام الخاصة بالنساء؛ مثل مسائل الحیض و النفاس و الرضاعة و... .
3- الاحکام التی یبدو انها مفرقة؛ مثل ارث المرأة و دیتها و... .
و بشکل عام فان سبب وجود احکام خاصه و أحکام مختلفة (ظاهرها التفریق) عدة امور:
1- إن الرجل هو المسؤول عن نفقات الاسرة، فیجب ان توضع تحت تصرفه امکانات عالیة اکثر و لذا یکون حقه من الارث – فی بعض الموارد طبعاً – اکثر من المرأة. [19]
2- ان ماورد فی بعض الروایات من مذمة المرأة فان المذموم من المرأة هو عبادة المرأة "أی اتخاذها معبوداً" و لیس المرأة بکونها نوعاً من البشر و کمثال علی ذلک: «المرأة عقرب حلوة اللّبسة». [20]
3- و أیضاً ما ورد فی بعض الاحادیث و خاصة فی نهج البلاغة من مذمة المرأة، فالمقصود منها هو بعض النساء فی زمن أمیر المؤمنین (ع) اللائی اشترکن فی حرب الجمل بقیادة عائشة، فهو خاص بذلک الزمان و المکان. [21]
4- و فی الموارد التی رفعت فیها بعض الاحکام عن النساء مثل: الجهاد الابتدائی و القضاء و ... فلا یعنی ذلک حرمانهن من بعض الحقوق، بل هو لطف من الله بهن لکی لا یتحملن مسؤولیة ثقیلة تنافی روحهن الهادئة و اللطیفة.
یقول أمیر المؤمنین (ع) : «فانّ المرأة ریحانة و لیست بقهرمانة». [22]
5- ان بعض الاحکام مثل کون سن تکلیفها اقل من الذکور، هو من أجل ان تدخل المرأة فی دائرة التربیة سابقةً الرجل فتکون میهئة لتربیة الأجیال علی مر التاریخ، خصوصاً مع کون سن زواج البنات أسبق من الاولاد.
6- ان بعض الحدود و الممنوعات هی من أجل وضع حاجز و حریم یمنع من وقع المفاسد و المخاطر الاحتمالیة – و التی مهمة جداً و یلزم الوقایة منها – فمثلاً أمرت المرأه بان تتکلم جیداً و لکن لا ترقق صوتها «فیطمع الذی فی قلبه مرض». [23]
7- و کما ان النقص و الشر نسبی کذلک الترجیح و تقدیم الرجل و المرأه نسبی أیضاً، و علیه، فکلما وجدنا تقییداً أو ذماً للمرأة فیجب أن نعتبره نسبیّاً، فقد أعطی الاسلام للمرأة امتیازات فی موارد متعددة منها: ماورد عن النبی (ص) انه قال: «إِذَا کُنْتَ فِی صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فَإِنْ دَعَاکَ وَالِدُکَ فَلَا تَقْطَعْهَا وَ إِنْ دَعَتْکَ وَالِدَتُکَ فَاقْطَعْهَا». [24]
و قد أمر القرآن بشکل صریح و واضح بقوله «و عاشروهن بالمعروف». [25]
و للمطالعه اکثر لاحظ:
1- نظام حقوق المرأة فی السلام، للشهید المطهری.
2- زن در آیینه ی جمال و جلال "المرأه فی مرآة الجمال و الجلال"، لجوادی الآملی.
[1] نهج البلاغة، الخطبة 108.
[2] المرأة فی مرآة الجمال و الجلال، عبدالله جوادی الآملی، ص 21.
[3] الروم، 21.
[4] الحجرات، 12.
[5] ابراهیم، 26.
[6] الانشقاق، 6.
[7] الطور، 21.
[8] النجم، 29.
[9] البقرة، 186.
[10] النحل، 186.
[11] البقرة، 161 .
[12] التی کانت ساخطة علی کفر فرعون و عمله .
[13] التحریم، 11.
[14] التحریم، 10.
[15] المرأة فی مرآة الجمال و الجلال، ص 197.
[16] اصول الکافی، الکلینی، ج 2، ص 517.
[17] یوسف، 90.
[18] النازعات، 40 و 41.
[19] للاطلاع اکثر حول علة کون ارث او دیة المرأة نصف ارث او دیة الرجل، راجع المقالات التالیة فی نفس الموقع: موضوع: اختلاف ارث المرأة و الرجل فی الفقه الاسلامی، رقم السؤال 483 (الموقع: ۵۲۴). و موضوع" قوامیة الرجل علی المرأة، رقم السؤال 1236؛ و موضوع تقیید المرأة، رقم السؤال 1509 (الموقع: ۱۶۹۶).
[20] نهج البلاغة، الکلمات القصار، رقم 61.
[21] مثلا، نهج البلاغه، الخطبة، 80، «النساء نواقص الایمان...».
[22] نهج البلاغة، الکتاب 31.
[23] الاحزاب، 32.
[24] جامع احادیث الشیعة، ج 21، ص 429 – 428؛ مستدرک، ج 15 ، ص 181.
[25] النساء، 19.