Please Wait
7298
لم یخصص بعض العلماء فصلاً لولایة الفقیه، لأنهم اعتقدوا أنه أمر بدیهی و مسلم، و أنه لا حاجة لإثباته، بینما عمدوا فی الوقت ذاته فی الکثیر من أبواب الفقه، الی تبیین مسؤولیات و شؤون ولایة الفقیه.
و لما کانت الإجابة عن الحاجات الشرعیه للناس من مسؤولیات الفقهاء، فقد کانوا یتصدون لرفع الحاجات الشرعیة للناس و یعتبرون ذلک من مسؤولیاتهم. و لهذا السبب کانت أکثر المسائل المطروحة حینها مما تدخل فی حیز الابتلاء، و حیث ان مسائل الحکم و السلطة لم تکن من مسائل الابتلاء فی المجتمعات الشیعیة قبل ظهور الدولة الصفویة، لم یهتم الفقهاء بطرح مباحث الحکم و الدولة هذه و اقتصروا على ذکرها بصورة مشتتة بما یفی بحاجة المؤمنین.
یجب الالتفات الی ملاحظتین فی الرجوع الی نصوص علماء الشیعة فیما یتصل بولایة الفقیه:
1- صرح بعض الفقهاء بأن ولایة الفقیه أمر أجمع علیه الفقهاء الشیعة، فإذا ما عمد بعضهم الی عدم تخصیص فصل له فهذا یعنی أنهم کانوا یرون أنه أمر بدیهی و مسلم به، فلا یرون أهمیة لطراحه و تقدیم أدلة علیه.
إضافة الی ذلک، فإنهم کانوا یتحدثون عن ولایة الفقیه و شؤونها فی مختلف أبواب الفقه، و إذا ما تم جمع هذه الأحکام المشتتة فلربما تشکل لدینا باب لا یقل حجماًعن أبواب الفقه المستقلة الاخری. و حول هذا یقول صاحب الجواهر:
تزخر نصوص الفقهاء ببحث الرجوع الی الحاکم و قد دأب فقهاء الشیعة على ذکر ولایة الفقیه فی الکثیر من بحوثهم[1].
2- و لما کانت الإجابة عن الحاجات الشرعیة الناس من مسؤولیات الفقهاء، فقد کانوا یتصدون لرفع الحاجات الشرعیة للناس و یعتبرون ذلک من مسؤولیاتهم. و لهذا السبب کانت أکثر المسائل المطروحة حینها مما تدخل فی حیز الابتلاء، و حیث ان مسائل الحکم و السلطة لم تکن من مسائل الابتلاء فی المجتمعات الشیعیة قبل ظهور الدولة الصفویة، لم یهتم الفقهاء بطرح مباحث الحکم و الدولة هذه و اقتصروا على ذکرها بصورة مشتتة بما یفی بحاجة المؤمنین[2]. بالإمکان أن نستثنی من هؤلاء فقهاء مثل السید المرتضی و حکماء مثل الخواجه نصیر الدین المعاصرین لهذه الحقبة التاریخیة - أی منذ بدایة الغیبة الکبری الی ظهور الدولة الصفویة – و ذلک فی ضوء علاقة السید المرتضی الوثیقة بحکّام آل بویه، ولأن الخواجه نصیر الدین قد تقلد منصب الوزارة فی حکومة هولاکو مدة معینة.
فکان هؤلاء یواجهون مسائل الحکومة و یلعبون دوراً معینا ًفیها. و یعلل المرحوم کاشف الغطاء ارتباط هذین الفقیهین بتلک الحکومات، فی ضوء اعتقادهم بولایة الفقیه و لأنهم لم یکونوا یجدوا طریقاًلأخذ هذا الحق إلا من خلال هذه العلاقة، فقرروا الحصول ولو على جزء من حق الحکم[3]. و یتفق المحقق الکرکی مع الشیخ کاشف الغطاء فی رأیه هذا و یرى أن هذین العالمین من أنصار القول بولایة الفقیه[4].
بعد استقرار الحکم الصفوی فی إیران تغیرت الظروف الی حد کبیر و تشکلت أول دولة شیعیة فی البلاد. و على الرغم من کون الحکم الصفوی حکماً سلطانیاً کان أغلب فقهاء الشیعة یعدونه حکماًغاصباً، إلا أن الظروف الصعبة التی کانت تحیط بالعالم الإسلامی و الحملات الشنیعة من الملحدین و غیرهم جعلت بعض الفقهاء یعملون على التعاون مع الحکم الصفوی من أجل الخروج من هذا المأزق و کانوا یرونه الحل الوحید، فتشکلت إثر ذلک علاقة وثیقة بین الحکم الصفوی و مجموعة من علماء الدین.
و مع قیام الجمهوریة الإسلامیة خرج علینا الإمام الراحل ببحوث عدیدة ناقش فیها أبعاد ولایة الفقیه المختلفة، إمامنا الذی رفع رایة قبیلة الموحدین و ترأس طائفة طالبی العدالة، و لنجعل مسک ختام موضوعنا هذا حدیثا ًلمحیی الإسلام الأصیل فی عصر الظلمة و الجاهلیة الحدیثة:
لیست ولایة الفقیه من البحوث الحدیثة التی ابتدعناها نحن، بل هی مسألة قدیمة. لما أصدر میرزا الشیرازی حکمه فی حرکة التنباکو، کان على بقیة الفقهاء إتباعه لأنه حکم حکومی ... فهو لم یکن حکماً قضائیاً أو اختلافا ًبین شخصین أو ثلاثة على أمر ما. کذلک حکم الجهاد الذی أصدره المیرزا محمد تقی الشیرازی – و الذی سمی دفاعاً یوم ذاک – و تبعه جمیع العلماء لأنه حکم حکومی واجب الاتباع أیضاً.
حتد انهم نقلوا عن المرحوم کاشف الغطاء أنه ذکر الکثیر من تفاصیل هذا الموضوع.... و من المتاخرین أیضاً کان المرحوم النراقی یعتقد بثبوت جمیع شؤون رسول الله للفقیه.
أما النائینی فیقول انه یستدل على هذا الموضوع بمقبولة عمر ابن حنظلة. و على کل حال فلیس هذا الأمر بجدید و نحن لم نقم إلا بدراسة البحث بشکل أوسع موضحین فروع الحکومة و أقسامها، و قد وضعنا بحوثنا فی متناول هؤلاء السادة لیتضح الأمر على نحو أکبر ... و إلا فالموضوع هو ما توصل الیه و فهمه إغلب الفقهاء، لقد بحثنا أصل الموضوع و لابد لأجیال الحاضر والمستقبل ان یتولوا بحث أطرافه و التفکیر فیه لکی یتوصلوا الی سبیل تحقیقه ....»[5].
لمزید من الاطلاع لاحظ:
1. هادوی طهرانی، ولایت و دیانت "الولایة و الدیانة"، مؤسسه فرهنگی خانه خرد " مؤسسة دار العقل الثقافیة"، قم، ط 2، 1380.
[1]- الشیخ حسن النجفی جواهر الکلام، ج 15 ، ص 422، و ج 21، ص 395.
[2]- مثل حدیث الشیخ المفید الذی یدل رغم إیجاز عبارته، علی التصریح بقبول نظریة ولایة الفقیه من قبل هذا العالم الکبیر.
[3]- حاشیة المحقق الکرکی علی القواعد، النسخة الخطیة، ص 36.
[4]- رسائل المحقق الکرکی، ج 1، ص 270.
[5]- الإمام الخمینی، ولایة الفقیه، ص 172-173.