Please Wait
الزيارة
4934
4934
محدثة عن:
2015/06/21
خلاصة السؤال
ما المراد من قوله تعالى "بادی الرأی" فی الآیة 27 من سورة هود؟
السؤال
یقول الله تبارک و تعالى فی سورة هود - سورة 11 - آیة 27( ... بَادِیَ الرَّأْیِ....)
قرأ أبو عمرو " بادئ " بالهمز ، أی: أوّل الرأی، یریدون أنهم اتبعوک فی أوّل الرأی من غیر رویّة و تفکر، و لو تفکروا لم یتبعوک. و قرأ الآخرون بغیر همز، أی ظاهر الرأی من قولهم: بدا الشیء: إذا ظهر، معناه: اتبعوک ظاهراً من غیر أن یتدبروا و یتفکروا باطنا. و لکن لم أفهم المراد من معنى (بادِیَ الرَّأْیِ) أرجو التوضیح.
الجواب الإجمالي
تعرّض المفسرون لقراءة و تفسیر الآیة المبارکة و تعددت الآراء فیها، حیث استعرضها الطاهر بن عاشور فی تفسیره بقوله: و بادِیَ قرأه الجمهور- بیاء تحتیة فی آخره- على أنه مشتق من بدا المقصور إذا ظهر، و ألفه منقلبة عن الواو، لما تحرکت و انفتح ما قبلها، فلما صیغ منه وزن فاعل وقعت الواو متطرفة إثر کسرة فقلبت یاء. و المعنى فیما یبدو لهم من الرأی دون بحث عن خفایاه و دقائقه.
و قرأه أبو عمرو وحده- بهمزة فی آخره- على أنه مشتق من البداء، و هو أوّل الشیء.
و المعنى: فیما یقع أوّل الرأی، أی دون إعادة النظر لمعرفة الحق من التمویه، و مآل المعنیین واحد.
و الرأی: نظر العقل، مشتق من فعل رأى، کما استعمل رأى بمعنى ظن و علم.
یعنون أن هؤلاء قد غرتهم دعوتک فتسرعوا إلى متابعتک و لو أعادوا النظر و التأمل لعلموا أنک لا تستحق أن تتبع.
و قرأه أبو عمرو وحده- بهمزة فی آخره- على أنه مشتق من البداء، و هو أوّل الشیء.
و المعنى: فیما یقع أوّل الرأی، أی دون إعادة النظر لمعرفة الحق من التمویه، و مآل المعنیین واحد.
و الرأی: نظر العقل، مشتق من فعل رأى، کما استعمل رأى بمعنى ظن و علم.
یعنون أن هؤلاء قد غرتهم دعوتک فتسرعوا إلى متابعتک و لو أعادوا النظر و التأمل لعلموا أنک لا تستحق أن تتبع.
الجواب التفصيلي
اختلفت کلمة المفسرین فی قراءة هذه الآیة فی معرض تفسیرهم لها حیث قال صاحب مجمع البیان: حکى أبو علی عن الجبائی أنّه قال: یقال: "أنت بادی الرأی" یرید ظاهر الرأی لا یهمز بادی و بادئ الرأی مهموز فمن لم یهمز أراد أنت فیما بدا من الرأی أی أنت ظاهر الرأی، و من همز أراد أنت أوّل الرأی و مبتدؤه.
قال أبو علی المعنى فیمن قال بادی الرأی بلا همز فجعله من بدا الشیء إذا ظهر أی ما اتبعک إلا الأراذل فیما ظهر لهم من الرأی إن لم یتعقبوه ینظر فیه و لا یبین لهم، و من همز أراد اتبعوک فی أوّل الأمر من غیر أن یتبعوا الرأی بفکر و رویة فیه. و هاتان الکلمتان یتقاربان فی المعنى لأن الهمزة فی اللام معناه ابتداء الشیء و أوله و اللام إذا کانت واوا کان المعنى الظهور و ابتداء الشیء یکون ظهورا و إن کان الظهور قد یکون ابتداء و غیر ابتداء فلذلک یستعمل کل واحد مکان الآخر... و قد یجوز فی قول من همز فقال بادی الرأی إذا خفف الهمز أن یقول: بادی الرأی فیقلب الهمزة یاء لانکسار ما قبلها فیکون کقولهم میر فی جمع میرة و ذیب فی جمع ذیبة.
و أما تحقیق الهمزة و تخفیفها فی الرأی فأهل تحقیق الهمزة یخففونها و أهل التخفیف یبدلون منها الألف.[1]
أمّا بالنسبة إلى تفسیر الآیة المبارکة فنشیر هنا إلى مجموعة من التفاسیر، منها:
ما ذکره الشیخ مغنیة فی تفسیره حیث قال: لما دعا نوح قومه إلى التوحید ردوا علیه دعوته قبل أن یدرسوها، و یتدبروا حقیقتها و تذرعوا بشبهتین: الأولى کیف یتبعونه، و هو واحد منهم؟. فکثیر علیه أن یتحدث باسم اللّه من دونهم .. انهم نظروا إلى القائل، و لم ینظروا إلى القول، و قاسوا الحق بالرجال، و لم یقیسوا الرجال بالحق.
الشبهة الثانیة التی تذرع بها المترفون قولهم: (وَ ما نَراکَ اتَّبَعَکَ إِلَّا الَّذِینَ هُمْ أَراذِلُنا بادِیَ الرَّأْیِ) و الأراذل فی مفهومهم الفقراء و المساکین الذین لا جاه لهم و لا مال، و المترفون أجل و أعظم من أن یؤمنوا بمن آمن به الأراذل (وَ ما نَرى لَکُمْ عَلَیْنا مِنْ فَضْلٍ) الخطاب فی (لکم) لنوح و من آمن معه، و المعنى قال المترفون الطغاة لنوح و المؤمنین: کیف نتبعکم و لا تمتازون علینا بجاه و لا مال.[2]
و قال الطاهر بن عاشور: جعلوا أتباع الناس المعدودین فی عادتهم أراذل محقورین دلیلا على أنه لا میزة له على سادتهم الذین یلوذ بهم أشراف القوم و أقویاؤهم. فنفوا عنه سبب السیادة من جهتی ذاته و أتباعه، و ذلک تعریض بأنهم لا یتبعونه لأنهم یترفعون عن مخالطة أمثالهم و أنه لو أبعدهم عنه لاتبعوه، و لذلک ورد بعده وَ ما أَنَا بِطارِدِ الَّذِینَ آمَنُوا [هود: 29] الآیة.
و الأرذال: جمع أرذل المجعول اسما غیر صفة کذلک على القیاس، أو جمع رذیل على خلاف القیاس. و الرذیل: المحتقر. و أرادوا أنهم من لفیف القوم غیر سادة و لا أثریاء. و إضافة (أراذل) إلى ضمیر جماعة المتکلمین لتعیین القبیلة، أی أراذل قومنا. و عبّر عنهم بالموصول و الصّلة دون أن یقال: إلا أراذلنا لحکایة أن فی کلام الذین کفروا إیماء إلى شهرة أتباع نوح- علیه السلام- بین قومهم بوصف الرذالة و الحقارة، و کان أتباع نوح- علیه السلام- من ضعفاء القوم و لکنهم من أزکیاء النفوس ممّن سبق لهم الهدى.[3]
وقال صاحب تفسیر الأمثل: و إنّما سمّوهم بـ «بادی الرأی» أی الذین یعتمدون على الظواهر من دون مطالعة و یعشقون الشیء بنظرة واحدة، ففی الحقیقة کان ذلک بسبب أنّ اللجاجة و التعصب لم یکن لها طریق الى قلوب هؤلاء الذین التفوا حول نوح علیه السّلام لأنّ معظمهم من الشباب المطهرة قلوبهم الذین یحسون بضیاء الحقیقة فی قلوبهم، و یدرکون بعقولهم الباحثة عن الحق دلائل الصدق فی أقوال الأنبیاء علیهم السّلام و أعمالهم.[4]
واشار صاحب من وحی القرآن لنقد هذه الفکرة الاستعلائیة الجوفاء بقوله: إنه المفهوم الخاطئ فی تقییم الأشخاص باعتبار مستواهم الاجتماعی و الاقتصادی أساسا للتقدیر، بدلا من المستوى الروحی و الفکری، کما أنّ هناک انحرافا فی تحدید القاعدة التی یرتکز علیها الإیمان، فإن الأساس فیه هو التفکیر فی طبیعة مضمون الدعوة الموجّهة إلى الناس، للحکم على ما تشتمل علیه من عناصر الخطأ و الصواب، لا التطلع إلى طبیعة الأشخاص الذین یؤمنون بتلک الدعوة، فالعقیدة لا بد أن تخضع للمعاناة الفکریة الذاتیة، لا للتقلید و المحاکاة للآخرین.[5]
قال أبو علی المعنى فیمن قال بادی الرأی بلا همز فجعله من بدا الشیء إذا ظهر أی ما اتبعک إلا الأراذل فیما ظهر لهم من الرأی إن لم یتعقبوه ینظر فیه و لا یبین لهم، و من همز أراد اتبعوک فی أوّل الأمر من غیر أن یتبعوا الرأی بفکر و رویة فیه. و هاتان الکلمتان یتقاربان فی المعنى لأن الهمزة فی اللام معناه ابتداء الشیء و أوله و اللام إذا کانت واوا کان المعنى الظهور و ابتداء الشیء یکون ظهورا و إن کان الظهور قد یکون ابتداء و غیر ابتداء فلذلک یستعمل کل واحد مکان الآخر... و قد یجوز فی قول من همز فقال بادی الرأی إذا خفف الهمز أن یقول: بادی الرأی فیقلب الهمزة یاء لانکسار ما قبلها فیکون کقولهم میر فی جمع میرة و ذیب فی جمع ذیبة.
و أما تحقیق الهمزة و تخفیفها فی الرأی فأهل تحقیق الهمزة یخففونها و أهل التخفیف یبدلون منها الألف.[1]
أمّا بالنسبة إلى تفسیر الآیة المبارکة فنشیر هنا إلى مجموعة من التفاسیر، منها:
ما ذکره الشیخ مغنیة فی تفسیره حیث قال: لما دعا نوح قومه إلى التوحید ردوا علیه دعوته قبل أن یدرسوها، و یتدبروا حقیقتها و تذرعوا بشبهتین: الأولى کیف یتبعونه، و هو واحد منهم؟. فکثیر علیه أن یتحدث باسم اللّه من دونهم .. انهم نظروا إلى القائل، و لم ینظروا إلى القول، و قاسوا الحق بالرجال، و لم یقیسوا الرجال بالحق.
الشبهة الثانیة التی تذرع بها المترفون قولهم: (وَ ما نَراکَ اتَّبَعَکَ إِلَّا الَّذِینَ هُمْ أَراذِلُنا بادِیَ الرَّأْیِ) و الأراذل فی مفهومهم الفقراء و المساکین الذین لا جاه لهم و لا مال، و المترفون أجل و أعظم من أن یؤمنوا بمن آمن به الأراذل (وَ ما نَرى لَکُمْ عَلَیْنا مِنْ فَضْلٍ) الخطاب فی (لکم) لنوح و من آمن معه، و المعنى قال المترفون الطغاة لنوح و المؤمنین: کیف نتبعکم و لا تمتازون علینا بجاه و لا مال.[2]
و قال الطاهر بن عاشور: جعلوا أتباع الناس المعدودین فی عادتهم أراذل محقورین دلیلا على أنه لا میزة له على سادتهم الذین یلوذ بهم أشراف القوم و أقویاؤهم. فنفوا عنه سبب السیادة من جهتی ذاته و أتباعه، و ذلک تعریض بأنهم لا یتبعونه لأنهم یترفعون عن مخالطة أمثالهم و أنه لو أبعدهم عنه لاتبعوه، و لذلک ورد بعده وَ ما أَنَا بِطارِدِ الَّذِینَ آمَنُوا [هود: 29] الآیة.
و الأرذال: جمع أرذل المجعول اسما غیر صفة کذلک على القیاس، أو جمع رذیل على خلاف القیاس. و الرذیل: المحتقر. و أرادوا أنهم من لفیف القوم غیر سادة و لا أثریاء. و إضافة (أراذل) إلى ضمیر جماعة المتکلمین لتعیین القبیلة، أی أراذل قومنا. و عبّر عنهم بالموصول و الصّلة دون أن یقال: إلا أراذلنا لحکایة أن فی کلام الذین کفروا إیماء إلى شهرة أتباع نوح- علیه السلام- بین قومهم بوصف الرذالة و الحقارة، و کان أتباع نوح- علیه السلام- من ضعفاء القوم و لکنهم من أزکیاء النفوس ممّن سبق لهم الهدى.[3]
وقال صاحب تفسیر الأمثل: و إنّما سمّوهم بـ «بادی الرأی» أی الذین یعتمدون على الظواهر من دون مطالعة و یعشقون الشیء بنظرة واحدة، ففی الحقیقة کان ذلک بسبب أنّ اللجاجة و التعصب لم یکن لها طریق الى قلوب هؤلاء الذین التفوا حول نوح علیه السّلام لأنّ معظمهم من الشباب المطهرة قلوبهم الذین یحسون بضیاء الحقیقة فی قلوبهم، و یدرکون بعقولهم الباحثة عن الحق دلائل الصدق فی أقوال الأنبیاء علیهم السّلام و أعمالهم.[4]
واشار صاحب من وحی القرآن لنقد هذه الفکرة الاستعلائیة الجوفاء بقوله: إنه المفهوم الخاطئ فی تقییم الأشخاص باعتبار مستواهم الاجتماعی و الاقتصادی أساسا للتقدیر، بدلا من المستوى الروحی و الفکری، کما أنّ هناک انحرافا فی تحدید القاعدة التی یرتکز علیها الإیمان، فإن الأساس فیه هو التفکیر فی طبیعة مضمون الدعوة الموجّهة إلى الناس، للحکم على ما تشتمل علیه من عناصر الخطأ و الصواب، لا التطلع إلى طبیعة الأشخاص الذین یؤمنون بتلک الدعوة، فالعقیدة لا بد أن تخضع للمعاناة الفکریة الذاتیة، لا للتقلید و المحاکاة للآخرین.[5]
[1]. الطبرسی، فضل بن حسن، مجمع البیان فی تفسیر القرآن،ج5، ص 231و 232، انتشارات ناصر خسرو - طهران، الطبعة الثالثة، 1372 ش.
.[2] محمد جواد مغنیة، تفسیر الکاشف، ج4، ص: 224- 225، دار الکتب الإسلامیة، طهران، الطبعة الأولى، 1424 ق.
[3]. التحریر و التنویر، ج11، ص: 241.
[4]. ناصر مکارم الشیرازی، الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج6، ص: 510، نشر: مدرسة الإمام علی بن أبی طالب، قم، الطبعة الأولى، 1421 ق.
[5]. السید محمد حسین فضل الله، تفسیر من وحی القرآن، ج12، ص: 54، نشر: دار الملاک للطباعة و النشر، بیروت، الطبعة الثانیة، 1419ق.
س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات